إِلَّا يظنونا من أهل الْبَادِيَة فيطلبون النجا منا حَتَّى بلغنَا مَا مننا
حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله ابْن عَليّ الْمقري قَالَ دفن رجل مَالا فِي مَكَان وَترك عَلَيْهِ طابقاً وتراباً كثيرا ثمَّ ترك فَوق ذَلِك خرقَة فِيهَا عشرُون دِينَارا وَترك عَلَيْهَا أَتْرَابًا كثيرا وَمضى فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى الذَّهَب كشف عَن الْعشْرين فَلم يجدهَا فكشف عَن الْبَاقِي فَوَجَدَهُ فَحَمدَ الله على سَلامَة مَاله وَإِنَّمَا فعل ذَلِك خوفًا أَن يكون قد رَآهُ أحد وَكَذَلِكَ كَانَ فَأَنَّهُ لما جَاءَهُ الَّذِي رَآهُ وجد الْعشْرين فَأَخذهَا وَلم يعْتَقد أَن ثمَّ شَيْئا آخر
حَدثنِي بعض الْمَشَايِخ أَن رجلا يَهُودِيّا كَانَ مَعَه مَال فَاحْتَاجَ إِلَى دُخُول الْحمام وَخَافَ أَن ينكسر سبته إِن حمله مَعَه فَدخل إِلَى خزانَة الْحمام فحفر وَدَفنه ثمَّ دخل إِلَى الْحمام وَخرج فبحث عَنهُ فَلم يجده فَسكت وَلم يخبر أحدا لَا زَوجته وَلَا ولدا وَلَا صديقا فَجَاءَهُ بعد أَيَّام رجل فَقَالَ كَيفَ أَنْت من شغل قَلْبك فَلَزِمَهُ وَقَالَ رد مَالِي لي فَقَالُوا لَهُ من أَيْن علمت قَالَ رَآنِي لما دَفَنته مَخْلُوق وَلَا حدثت بِهِ مخلوقاً قَالَ إِن هَذَا أَخذه مَا قَالَ كَيفَ أَنْت من شغل قَلْبك
وَقَالَ بَعضهم خرجت فِي اللَّيْل لحَاجَة فَإِذا أعمى على عَاتِقه جرة وَفِي يَده سراج فَلم يزل يمشي حَتَّى أَتَى النَّهر وملأ جرته وَانْصَرف رَاجعا فَقلت يَا هَذَا أَنْت أعمى وَاللَّيْل وَالنَّهَار عنْدك سَوَاء فَقَالَ يَا فُضُولِيّ حملتها معي لأعمى الْقلب مثلك يستضيء بهَا فَلَا يعثر بِي فِي الظلمَة فَيَقَع عَليّ فيكسر جرتي روى أَبُو الْحسن الْأَصْفَهَانِي أَن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي دخل على الرشيد وَبَين يَدَيْهِ جَارِيَة كَأَنَّهَا خوط بَان فَقَالَ لَهَا الرشيد غَنِي فغنت
(توهمه قلبِي فَأصْبح خَدّه ... وَفِيه مَكَان الْوَهم من نَظَرِي أثر)
(وَمر بوهمي خاطراً فجرحته ... وَلم أر جسماً قطّ يجرحه الْفِكر)