لبَعض أهل الْمَدِينَة أَنا أسن أم أَنْت فَقَالَ لَهُ لَا أذكر لَيْلَة زفت أمك الْمُبَارَكَة على أَبِيك الطّيب وَهَذَا الِاحْتِرَاز مليح لِأَنَّهُ لم يقل أمك الطّيبَة
قَالَ ابْن عرابة الْمُؤَدب حُكيَ لي مُحَمَّد بن عمر الصَّبِي أَنه حفظ ابْن المعتز وَهُوَ يؤدبه والنازعات وَقَالَ لَهُ إِذا سَأَلَك أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبوك فِي أَي شَيْء أَنْت فَقل لَهُ فِي السُّورَة الَّتِي تلِي عبس وَلَا تقل أَنا فِي النازعات قَالَ فَسَأَلَهُ أَبوهُ فِي أَي شَيْء أَنْت قَالَ فِي السُّورَة الَّتِي تلِي عبس فَقَالَ من علمك هَذَا قَالَ مؤدبي قَالَ فَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم
قَالَ عبد الْوَاحِد بن نصر المَخْزُومِي قَالَ أَخْبرنِي من أَثِق بِهِ أَنه خرج فِي طَرِيق الشَّام مُسَافِرًا يمشي وَعَلِيهِ مرقعة وَهُوَ فِي جمَاعَة نَحْو الثَّلَاثِينَ رجلا كلهم على هَذِه الصّفة فصحبنا فِي بعض الطَّرِيق رجل شيخ حسن الْهَيْئَة مَعَه حمَار فأره يركبه وَمَعَهُ بغلان عَلَيْهِمَا رجل وقماش ومتاع فاخر فَقُلْنَا لَهُ يَا هَذَا إِنَّك لَا تفكر فِي خُرُوج الْأَعْرَاب علينا فَإِنَّهُ لَا شَيْء مَعنا يُؤْخَذ وَأَنت لَا تصلح لَك صحبتنا مَعَ مَا مَعَك فَقَالَ يكفينا الله ثمَّ سَار وَلم يقبل منا وَكَانَ إِذا نزل يَأْكُل استدعي أكثرنا فأطعمه وسقاه وَإِذا عيي الْوَاحِد منا أركبه على أحد بغليه وَكَانَت جمَاعَة تخدمه وتكرمه وتتدبر بِرَأْيهِ إِلَى أَن بلغنَا موضعا فَخرج علينا نَحْو ثَلَاثِينَ فَارِسًا من الْأَعْرَاب فتفرقنا عَلَيْهِم ومانعناهم فَقَالَ الشَّيْخ لَا تَفعلُوا فتركناهم وَنزل فَجَلَسَ وَبَين يَدَيْهِ سفرته ففرشها وَجلسَ يَأْكُل وأظلتنا الْخَيل فَلَمَّا رَأَوْا الطَّعَام دعاهم إِلَيْهِ فجلسوا يَأْكُلُون ثمَّ حل رَحْله وَأخرج مِنْهُ حلوى كَثِيرَة وَتركهَا بَين يَدي الْأَعْرَاب فَلَمَّا أكلُوا وشبعوا جمدت أَيْديهم وخدرت أَرجُلهم وَلم يتحركوا فَقَالَ لنا أَن الحلو مبنج أعددته لمثل هَذَا وَقد تمكن مِنْهُم وتمت الْحِيلَة وَلَكِن لَا يفك البنج إِلَّا أَن تصفعوهم فافعلوا فَإِنَّهُم لَا يقدرُونَ لكم على ضَرَر ونسير فَفَعَلُوا فَمَا قدرُوا على الِامْتِنَاع فَعلمنَا صدق قَوْله وأخذنا أسلحتهم وركبنا دوابهم وسرنا حواليه فِي موكب ورماحهم على أكتافنا وسلاحهم علينا فَمَا نجتاز بِقوم