الإنسان قادر بفطرته وحدها على الاهتداء للفضائل، وهي الفكرة التي تدور حولها "حي بن يقظان" كما هو معروف.

كذلك ترجمت "ألف ليلة وليلة" إلى الفرنسية في أوائل القرن الثامن عشر، ثُمّ تُرجمت إلى سائر اللغات الأوربية بعد ذلك تاركة آثارًا متنوعة في فنون الأدب المختفلة هناك، إذ شَدّ الأُدباء "الرومانتيكيين" إليها ما كانت تشتمل عليه من موضوعات كانت تشغلهم، كالهروب من واقع الحياة إلى عالم السحر، والتهكم على الملوك، وترجيح العاطفة على العقل متمثلة في "شهرزاد" التي ردت "شهريار" الملك عن وحشيته لا بالمنطق العقلي بل بالعاطفة.

ثم يزيد الدكتور هلال قائلًا: "إنّ حكايات ألف ليلة وليلة بعيدة في مستواها الفني عن القصة في معناها الحديث"، وهذه الملاحظة الأخيرة لا داعي لها حتى ولو كانت صادقة، إذ ليس مطلوبًا من أي فن أو شخص أن يسبق عصره، وأن يمتثل بدهر الغيب لمواصفات عصر مقبل لا يزال في ضمير الغيب، وإلا لم يكن هناك عمل جديد بالرضا لأن ما هو مقبول اليوم سوف يتغير الرأي فيه غدًا حين تجد على الساحة مواصفات فنية أخرى.

على أن كلامي هنا لا يَعني أن أدبَ كُلّ عصر لا يمكن أن يلبي متطلبات العصور المقبلة بالضرورة، إذ لا يمنع هذا من تحقق تلك المتطلبات المستمرة في كلها أو بعضها، وهذا لو كانت ملاحظته صحيحة، وهي للأسف ليست كذلك، إذ إن من بين حكايات ألف ليلة ما يصمد بالمقارنة مع القصة الحديثة قصيرة كانت أم طويلة.

ولا ننسى ما أخذنا نسمع به منذ عدة عقود من الواقعية السحرية، ذلك المذهب الذي أتانا من أمريكا الجنوبية، واستقاه أدباؤها من ذلك العمل الساحر.

فإما المقامة فهي كما يقول: "حكاية يسودها شبه حوار درامي وتحتوي على مغامرة يرويها أحدهم عن بطلها الذي قد يكون شجاعًا متقحمًا للأخطار، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015