الطهطاوي في مقدمة ترجمته لرواية "فلينون" التي عنوها بـ" مواقع الأفلاك في وقائع تليماك" إذ قال: إنها موضوعة على هيئة مقامات الحريري في صورة مقالات".

كما يقارن عبد الله النديم في مقال له بمجلة "الأستاذ" بتاريخ 10 يناير 1893م الأسلوب الذي كتبت به رواية سعيد البستاني "ذات الخدر" بأسلوب السير الشعبية، ويدافع عنها على هذا الأساس، كذلك كان حظ إبراهيم حين ترجم رواية "هوجو" "البؤساء" لينظر إلى عملِه على أنه امتداد لما كان العرب يعملونه في العصر العباسي، من نقل القصص الأجنبي القديم إلى لسانهم.

وهذا الكلام متاحٌ لِمن يَطْلُبه في مقدمة الترجمة المذكورة، وهو نفسه ما قاله تقريبًا جورج زيدان في الجزء الرابع من كتابه (تاريخ آداب اللغة العربية)، وإن أضاف أن القصص العصري ينحو نحو الواقعية التي تلائم روح العصر.

وها هنا نقطة لا أريد أن أفوت الفرصة دون التعرض لها، وهي قول الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابه (الأدب المقارن): "إنه لم يكن للفن القصصي في الأدب العربي القديم شأن يذكر، وإن كبار الأدباء كانوا يتركونها لغيرهم من الوعاظ، وكتاب السير والوصايا، وهذا كلام غير صحيح بالمرة، ويكفي في تفنيده أن ننظر في أسماء كتاب القصة في أدبنا القديم التي أوردتها آنفًا لنجد أسماءً كسهل بن هارون، وابن المقفع، والمعري، وابن شعيب، والهمذاني، والحريري، وابن طفيل، والقاضي التنوخي، والثعالبي، وابن عرب شاه. أفليس هؤلاء من كبار أدباء العرب في تلك العصور، بل من كبار كبارهم؟!. والطريف أنه هو نفسه سوف يذكر بعد قليل بعض تلك الأسماء في سياق حديثه عن تأثير القصص العربي القديم في الأدب الأوربي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015