وإذا اعترض بأن الملاحم كانت تصاغ شعرًا، فها هو ذا كاتب المادة يقول: إنّ الرِّواية قد تصب في قالب الشعر هي أيضًا، ثم ها نحن ذا نعود هذه الأيام؛ فنكتُب الرِّواية على مذهب الواقعية السحرية، وواقعية الخرافات والخوارق والعجائب والغرائب، كما كان الحال في السير الشعبية وألف ليلة وليلة مثلًا.

بل إنّ الكَاتِب ليذهب إلى أن العمل مثل "ساتر الكون" الذي ظهر في القرن الأول قبل الميلاد لـ"بترونيا سنوماني" بمكن أن يعد رواية، وإن أضاف أن العرف قد استقر على أن "دونك شو" التي صدرت في أول القرن السابع عشر الميلادي للكاتب الأسباني "سيلفنس" هي أول رواية بالمعنى الحقيقي.

وفي التفرقة بين الرواية والقصة القصيرة رأينا كتاب هاتين المادتين يستندون أساسًا إلى معيار الطول، إذ ينبغي ألا تزيد القصة القصيرة في الحجم بحيث يمكن أن تطبع في كتاب مستقل كما هو الحال مع الرواية، وهو ما يَستتبعُ أن تكونَ المِسَاحَةُ التي تتحرك فيها القصة القصيرة أَضيق، ومن ثم يهبط عدد الأحداث والشخصيات فيها إلى أقل حد ممكن، حدث واحد وشخصية أو شخصيتان.

كما ينسب فن الرواية إلى أصله البعيد وهو الحكايات الشفوية التي كانت أساسًا لملحمتي "هوميروس" وهي نقطة جد هَامّة يسرني أن يتلاقى معها رأيي الحالي، الذي انتهيت إليه بعد تفكير طويل في هذه المسألة، وهو أن كل ما نعرفه من أشكال قصصية، فمرجعه إلى القصص والحكايات البَعِيدة الضّاربة في أعمق أعماق التاريخ، تلك القصص والحكايات التي تتخذ في كل عصر، وربما أيضًا بين الشعوب والطبقات المختلفة في العصر الواحد شكلًا مختلفًا، فيظن بعض الدارسين إننا إيذاء جنس جديد، وما هو بالجنس الجديد في حقيقة الأمر بل شكل من الأشكال التي اعتورت ذات الجنس على مدار تاريخه الطويل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015