وفي مادة "روما" من قاموس "لاروس" العالمي الكبير طبعة باريس، سنة 1865م، نقرأ أن الرواية فن قديم قدم الإنسانية نفسها، وإن تغير شكله من عصر إلى آخر، ويقول دكتور "محمد غنيمي الهلال" في كتابه (الأدب المقارن): "إن النّثر القصصي في الآداب العالمية قد تأخر ظهروه بالنسبة إلى المَلاحِم والمسرحيات، وإنه كان أقل الأجناس الأدبية خضوعًا للقواعد وقيود النقد".

وهذا معناه: أنّه يُفرق تفرقة جوهرية بين الملاحم والقصص، وهو ما لا أوافقه عليه، علاوة على أنني لا أظن أنه قد أتى على الناس حين من الدهر، لم يكونوا يعرفون رواية القصة والاستماع إليها، والاستمتاع بها، كذلك نراه يبدأ كلامه عن تاريخ الفن القصصي النثري بالكلام عن الإغريق وكأنهم هم رواد هذا اللون من الأدب، مع أن القصص المصري القديم يسبق ما وصلنا عنهم بزمن طويل.

إذ نرى كاتبنا يرجع أول النثر القصصي اليوناني إلى القرن الثاني قبل الميلاد، على حين يعود القصص المصري إلى ما قبل هذا التاريخ بأشواط طوال، كما يعرفُ ذلك كل من له أدنى اتصال بالتاريخ المصري القديم، وبِمَا بَلغنا عنه من قصص كقصة "سنوحي" و"الفلاح الفصيح" و"الأخوان" و"الأميرة والشحاذ" وفيها شيء غير قليل من التماثل مع قصة "حسن ونعيمة" المشهورة.

و"الملاح التائه" وهي تذكرنا بما سوف نقرؤه في قصتي "حي بن يقظان" و"روبونسون كروزو" بعد ذلك، من عيش أحد الأشخاص وحده لفترة طويلة على جزيرة غير مأهولة، وقصة الاستيلاء على يافا التي كتبت في عهد "تحتمس الثالث" وتتضمن حيلة للاستيلاء على المدينة، تشبه الحيلة التي لجأ إليها فيما بعد أصحاب "حصان طروادة"، إذ وضع بطل القصة جنوده في براميل مثقوبة للتهوية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015