ثم إن عدم وجود مواد سهلة ورخيصة للتدوين -وهذا لو أغضينا الطرف عن انتشار الأمية فيهم إلى مدى بعيد- من شأنه أن يقوم عقبة دون ظهور المسرح؛ إذ تحتاج المسرحية الواحدة في كتابتها إلى عشرات الصفحات.
وهناك رأي آخر ظهر في الفترة الأخيرة، يقول: بأن العرب عرفوا فن المسرح منذ الجاهلية، وصاحب هذا الرأي هو الكاتب الإسرائيلي ذو الأصل العراقي "شموئيل" أو "سامي موريه" ففي كتابه (المسرح البشري في البلاد العربية خلال القرون الوسطى) يرفض "موريه" ما يقوله معظم الباحثين من أن العرب لم يعرفوا فن المسرح إلا في العصر الحديث، جراء احتكاكهم بالثقافة الأوربية؛ مؤكدًا على العكس من ذلك أنهم عرفوا هذا الفن منذ الجاهلية، وكان يسمى عندهم بالخيال, وذلك قبل انتقال "خيال الظل" إلى البلدان الإسلامية بقرون.
كما عرفوا مسرحًا يقوم فيه الممثلون بعروض أمام الجمهور يختلف عن في شكله عن المسرح الأوربي، فهو نوع خاص من العروض المسرحية التي تعتمد في الأساس على الحوار والأزياء والحركة وغيرها من عناصر المسرح.
ثم يتابع كلامه قائلًا: إن المستشرقين نظروا إلى المسرح العربي من وجهة نظر أوربية؛ فكانوا يبحثون عن الشكل المسرحي الأوربي في الثقافة العربية. ومن هنا كان إنكارهم معرفة العرب قديمًا لهذا الفن.
ثم تابعهم الباحثون العرب في هذا الرأي دون أي محاولة للتعرف إلى المصطلحات المسرحية العربية التقليدية بصورة دقيقة؛ غافلين بذلك عن أن فن المسرح هو ابن البيئة والثقافة والدين. ومن ثم كان لكل شعب شكل خاص منه، لا يتطابق بالضرورة مع غيره من الأشكال المسرحية.