كذلك يؤكد الباحث الإسرائيلي أنه في الوقت الذي تطور فيه المسرح الأوربي، عن الطقوس الدينية، فإن المسرح العربي تطور عن اللهو والتقليد، والسخرية من الخصوم ونقد تصرفاتهم، ثم انتقل إلى نقد تصرفات القضاة والحكام.
وعلى أية حال؛ فقد عرفت البلاد العربية فن المسرح كما يعرفونه في الغرب، بدءًا من دخول الفرنسيين مصر في أواخر قرن الثامن عشر، إذ أقاموا بعض المسارح الخشبية للترويح عن جنودهم وضباطهم, وكان بعض المصريين يسترقون النظر من خلال الأخصة، التي بين تلك الألواح، وإن كان كل ذلك قد انقضى بخروج أولئك المجرمين من مصر أوائل القرن التاسع عشر.
ويقول المؤرخون: إن "مارون النقاش الشامي" هو مؤسس المسرح العربي، وربما سبقه "يعقوب صنوع" الملقب بـ"أبو نظارة" إلى هذا الأمر, وقد كان "مارون" قد زار إيطاليا، واطلع على فن التمثيل هناك فأعجب به إلى حد بعيد، وفكر في نقله إلى بلاده, وبين رواد هذا الفن في مصر "سليم النقاش" الذي أنشأ مسرحًا في الإسكندرية عام ستة وسبعين وثمانمائة وألف للميلاد. وتلا ذلك ظهور فرق شامية أخرى منها: "فرقة أبو خليل القباني" و"فرقة يوسف خياط" و"فرقة إسكندر فرح".
ثم ظهرت فرق مصرية صميمة كـ"فرقة سلامة حجازي" و"فرقة جورج أبيض" و"فرقة محمد تيمور" و"فرقة عبد الرحمن رشدي" و"فرقة نجيب الريحاني" و"فرقة يوسف وهبي" و"فرقة فاطمة رشدي" ثم أنشأ معهد التمثيل بالقاهرة في أوائل الثلاثينات من ذلك القرن، وبعده بعدة سنوات تكونت الفرقة القومية، ثم تتابع المطر واستمر مريره في أرض الكنانة، وفي بلاد العروبة كلها تقريبًا.
وقد بدأت الكتابة المسرحية أيضًا باستيحاء المسرح الفرنسي والإيطالي والأخذ عنهما، مع إجراء بعض التعديلات التي تتقارب مع ذوق الجمهور وثقافته، كما