و (الأدب وفنونه) وكذلك توفيق الحكيم في مقدمة مسرحيته "الملك أوديب" ومعنى هذا الكلام: أن المسلمين اطلعوا على المسرح الإغريقي، وما فيه من وثنية تخالف الإسلام؛ فنفروا من ترجمته.
لكن لم يحدث أن ساق "مندور" أو "الحكيم" أو غيرهما أي شيء يدل على معرفة المسلمين للمسرح الإغريقي، ولو كانوا عرفوا ذلك المسرح ما أخطأ كبار تراجمتهم وفلاسفتهم كـ"متّى بن يونس" و"ابن رشد" و"ابن سينا" في ترجمة مصطلحي التراجيديا والكوميديا فقالوا: إنّ المقصود بهما المدح والهجاء.
ولمندور تعليل آخر ذكره في كتابه (المسرح) ملخصه: أنه قام بالمقارنة بين الشعر العربي القديم وأشعار الأمم الأخرى؛ فوجد أن ذلك الشعر يتميز بخاصتين كبيرتين، هما الخطابية والوصف الحسي، وهاتان الخاصتان لا تصلحان للدراما؛ التي تحتاج إلى الحوار مختلف النغمات، لا الخطابة الرنانة، وإلى خلق الحياة الشخصية وتصوير المواقف والأحداث، لا مجرد الوصف الحسي كما كتب.
ويحق لنا أن نتساءل إزاء هذا الغلو الخطير، متى وكيف وأين يا ترى قام "مندور" أو غير "مندور" بمثل تلك المقارنة؟ وما عدد اللغات التي كان يعرفها سيادته؟ إنه لم يكن يعرف إلا الفرنسية وإلا الإنجليزية إلى حد؛ فهل يستطيع من هو في مثل وضعه هذا، أن ينهض بتلك المقارنة التي تحتاج إلى طوائف من النقاد ومقارني الآداب، تعرف كل لغات العالم، وتجمع أشعار العرب ونظيراتها لدى الأمم الأخرى، وتعكف على كل هذا إلى أن تخرج بما تضع عليه يدها من نتائج. وأين دكتور "مندور" من هذا كله؟.
ثم من قال: إن الشعر العربي جميعه شعر خطابي ذو وصف حسي؟ إنه كأي شعر في العالم فيه الخطابية، وفيه الهمس والنجوى، وفيه الانعزال عن الحياة،