عن أن تكون تلك اللغة بالذات هي اللغة العربية المشهورة بغناها ومرونتها، وإبداعاتها الغزيرة المتنوعة.

لكن قد يكون هناك في بعض العصور الأدبية طائفة من المؤلفين تبرز في كتاباتهم القوالب المحفوظة على حساب غيرها من التعبيرات التلقائية، وهذا شيء آخر غير ما يتحدث عنه "عزيزة" وهو موجود في كل اللغات والآداب في بعض الفترات التاريخية، وعلى أية حال فقد عرفت اللغة العربية في العصر الحديث فن المَسرح؛ فهل تغيرت بحيث أصبحت الآن تتسع للإبداع المسرحي؟ إنها بكل يقين لم يطرأ عليها شيء جذري البتة؛ فماذا يقول المتنطعون السطحيون في هذا؟.

وهناك من يقول: إن العقلية العربية نزاعة إلى التجريد لا التفصيل، هذا التفصيل الذي تستلزمه الدراما، وقائل هذا هو الدكتور "عز الدين إسماعيل" ولا أعرف على أي أساس استند في دعواه العجيبة تلك، وكنت أود لو أنه بدلًا من إرسال القول على هذا النحو المتعسف، قد ساق على دعواه تلك ما يلزمه من الأدلة والشواهد، طبقًا لما يقضي منهج العلم، ولكنه لم يفعل, ومن ثم فرأيه بهذا الشكل لا قيمة له، وبخاصة أن العرب قد تركوا وراءهم شعرًا وقصصًا، ورسائل، ورحلات، وتجارب ذاتية وغيرية مملوءة بالتفصيلات الحية، والدقائق الملونة، والصور الواقعية مما يعرفه من له أدنى تماس مع نتاجهم الأدبي الغزير. ويجد القائل لرأي الدكتور "عز الدين إسماعيل" في كتابه (قضايا الإنسان في الأدب المسرحي المعاصر).

وهناك من يرى: أنّ السبب في عدم معرفة العرب بفن المسرح، يَكْمُن في أن الإسلام قد منع نقل المسرح الإغريقي القائم على الوثنية وآلهتها، وعلى الصراع بين الآلهة والبشر، وهو رأي قال به الدكتور "محمد مندور" في كتابيه (المسرح)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015