معناه بكل بساطة أن سبب اعتقاد المسلم أن كل شيء حتمي ومقدر سلفًا، ومن ثم لا يجوز دينًا أن يحاول تغييره، هو زعم سفيه، وهذا من الناحية الشرعية، وإلّا فالمُسلم ككل إنسان كثيرًا ما يسخط على وضعه، ويتمرد على الظروف التي خلقت هذا الوضع، ويعمل بكل ما في وسعه على تغييرها إلى الأفضل, وإلا فكيف نفسر كل ما بذله المسلمون على مدار تاريخهم الطويل من جهد لتحسين أحوالهم؟.
إنّ القول بغير هذا هو في الواقع خلل في المنطق والتفكير, أما تصوير المسلم على أنه هادئ النفس أبدًا، لا يعرف التناقضات الداخلية ولا الصراع بين مطامحه وقدراته، أو بين عواطفه والشعور بالواجب مثلًا؛ فهو تصوير يدل على سطحية الفهم, ثم إن حصر الصراع في هذه الألوان الأربعة هو تضييق وضيق أفق؛ لأن أنواع الصراع لا تنتهي, فصراع بين الزوج والزوجة، وصراع بين الحماة وكنتها، وصراع بين الطلبة وأستاذهم، وصراع بين حزب سياسي وآخر، وصراع بين دولتين وصراع بين طبقتين، وصراع بين طائفتين، وصراع بين حاكم وشعب، وصراع بين اثنين من مهنة واحدة، وصراع بين الجيران، وصراع بين مذهبين أو فكرتين أو ذوقين ... إلى آخره.
بل يمكن أن تقوم مسرحية من دون صراع, فقد يؤلف أحدهما مسرحية تدور على التوتر الذي يصطلي ناره شخص ما في موقف من المواقف.
وهناك سبب آخر في نظر "عزيزة" أيضًا وهو: الادعاء بأن اللغة العربية لغة متجمدة لا تلائم متطلبات الدراما؛ فهي حين تُعَبّر عن تجربة ما، إنّما تلجأ إلى القوالب التعبيرية المحفوظة، ولا تهتم بنقل التجربة كما يعيشها صاحبها, وهذا كلام فارغ كله تنطع وتفاهة، فليست هناك لغة يمكن اتهامها بتلك التهمة؛ فضلًا