والناظر في هذا الكلام يدرك لأول وهلة ما فيه من سذاجة مضحكة، أو استبلاه مدهش، إذ يكفي أن ينظر الإنسان حوله في معظم بلاد المسلمين، وبالذات في البلاد العربية؛ ليرى أن عندنا الآن مسرحًا وكتابًا مسرحيين ومسرحيات من كل نوع، رغم أننا لا نزال بحمد الله مسلمين، كما كان أجدادنا مسلمين, فكيف يفسر "عزيزة" ومن نقل عنه ذلك من المستشرقين، هذا الوضع الذي يكذب كل ما زعمه وادعاه؟.

وبالنسبة للنوع الأول: ألا يمكن أن يكون الصراع بين إرادة المشركين وبين دين الله مثلًا؟! أو بين شهوة الإنسان المسلم، وخوفه من عقاب ربه؟ أمّا الصِّراع الثاني؛ صراع الفرد المسلم مع مجتمعه، فهو لم يتوقف يومًا, فقد نشذ الخوارج مثلًا عن ذلك المجتمع ولم يكفرهم أحد، وبافتراض أنه كان هناك تكفير، فهل منعهم ذلك أو منع سواهم من التمرد والخروج؟.

وحتى ولو تحرج الكاتب المسرحي المسلم من طرق ذلك الموضوع، ألا يمكنه أن يؤلف مسرحية تقوم على صراع بين شخص مسلم ومجتمعه غير المسلم، كما كان الوضع مثلًا أيام محاكم التفتيت في أسبانيا قبل عدة قرون، عِندما كان المسلمون يسامون سوء العذاب ويقتلون, بل إنه لمن الممكن أيضًا أن يتخذ هذا اللون من الصراع مسارًا معاكسًا؛ إذ كان في المجتمع المسلم على عهد النبي منافقون ويهود، يعملون دائمًا على تقويم ذلك المجتمع، ومن ثم يمكن تأليف مسرحية تدور على الصراع الذي كان بين كل من هاتين الطائفتين من ناحية، والرسول ومعه جماعة مؤمنة من ناحية أخرى.

كذلك كيف يقال: إن الضرب الثالث من الصراع لا يتصور وقوعه في مجتمع مسلم، مع أن المسلم مطالب أن يبذل دائمًا أقصى جهده لتغيير المنكر؟ إن هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015