يقوم بعض الأشخاص بأدوار "الحُسين" وآله وخصومهم، وكانت تلك المشاهد تمثل كل عام في ذكرى كربلاء. فهذا وأمثاله ما كان موجودًا في تراثنا، وهو الذي عبد الطريق إلى دخول المسرح كما تعرف أوربا عندنا في العصر الحديث.
وهذا يقودنا إلى سؤال آخر هو: ما العوامل المسئولة عن عدم ظهور فن المسرح في أدبنا القديم، كما ظهر عند الإغريق والرومان مثلًا؟ هناك نظريات متعددة في هذا التعليل؛ فبناء على أن المسرح هو فن الصراع، وأن الحرية الإنسانية أساس ذلك الصراع الذي قد يكون صراعًا عموديًّا أي: صراعًا بين الإرادة البشرية، والإرادة الإلهية، أو صراعًا أفقيًّا بين الفرد والمجتمع، أو صراعًا ديناميكيًّا بين العفوية البشرية والقدر، أو صراعًا داخليًّا بين الإنسان ونفسه, ينفي "محمد عزيزة" الباحث التونسي صاحب هذه التقسيمات إمكانية أن يكون هناك صراعًا عموديًّا عند المسلمين، إذ لا يتصور وجود إرادة بشرية إلى جانب الإرادة الإلهية. وبالمثل نراه يزْعُم أنّ المُسلم لا يستطيع أن يواجه مجتمعه، ويدخل في صراعٍ معه، وإلّا عُدّ كافرًا.
أما اللونُ الثالث من ألوان الصراع؛ فيستلزم حسبما يقول، أن يكون شعورنا بالتاريخ شعورًا دراميًّا، على حين أن كل شيء لدى المسلم هو أمر حتمي مكتوب، لا سبيل إلى تغييره، وبخاصة أنه يؤمن بأن تلك الحتمية هي حتمية عادلة.
أما النوع الرابع فلا بد له -كما يقول "عزيزة"- من شعور الشخص بالفردية، تلك النّزعة التي لا وجود لها عند المسلم في رأيه، وهذا الكلام موجود في كتابه (الإسلام والمسرح) الذي ترجمه عن الفرنسية الدكتور "وفيق الصبان".