ما سَمّاه "إلياذة إسلامية" إذ بعث للشاعر "أحمد مُحرم" برسالة الخامس من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وألف للهجرة.

يقول فيها: "سيدي الأستاذ الجليل مفخرة البيان العربي، وشاعر مصر الكبير الأستاذ: أحمد محرم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد: فكنت هممت أكثر من مرة أن أكتب إليكم اقترح عليكم مشروعًا، كنا نحاول إقناع شوقي بك -رحمه الله- به، ولكني خشيت أن يصرفكم ذلك عن معاني الجهاد الأخرى، وهذا المشروع هو إرسال نظركم الكريم بين حين وآخر إلى مفاخر التاريخ الإسلامي الخلقية والعمرانية والسياسية والإصلاحية والحربية ... إلخ. ونظم كل مفخرة منها في قطعة خالدة تنقش في أفئدة الشباب؛ فإذا ذخر أدبنا بكثير من هذه القطع، على اختلاف أوزانها وقوافيها، أمكن بعد ذلك ترتيبها بحسب تاريخ الوقائع، وتأليف إلياذة إسلامية من مجموعها.

أليس من العار أن يكون للفرس الذين حفل تاريخهم زمن جاهليتهم بالشنائع، ديوان مفاخر يغطي فيه البيان على العيوب؟ -يشير بذلك إلى شهنامة الفردوس- وأن يكون لليونان زمن وثنيتهم وأوهامهم الصبيانية ديوان مفاخر "كالإلياذة" تتغنى بها الإنسانية إلى يوم الناس هذا".

وكان هذا الخطاب الذي كتبه "محب الدين خطيب" لأحمد محرم هو الشرارة التي أججت شعلة الحماس في نفس الشاعر؛ فكان أن نظم "الإلياذة الإسلامية" التي عرض فيها خلاصة التاريخ الإسلامي، في قالب شعري قوي التعبير؛ كي يلفت شباب الإسلام إلى مفاخر تاريخهم، ويدفع عنهم الشعور بالضآلة تجاه آداب الأمم الأخرى، وما تشتمل عليه من ملاحم.

وكان الخطيب قد ذهب قبل هذا إلى "أحمد شوقي" عارضًا عليه فكرة نظم ملحمة إسلامية، إلّا أنّ "شوقي" صمت ولم يعلن قبوله أو رفضه؛ فقصد عندئذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015