أحمد محرم، وأعاد عرض الاقتراح فقبله على الفور، وبدأ في نظم "الإلياذة الإسلامية" أو مجد الإسلام، ناشرًا إياها على أجزاء في "مجلة الفتح"؛ ليكون بذلك أول من راد هذا الطريق، وعبده لغيره من الشعراء العرب المحدثين، رغم ما تفتقر إليه إلياذته من الوحدة العضوية القصصية كما أشرنا.
ثم فاجأ "شوقي" الناس بعد ظهور إلياذة محرم، بنشر مطولته "دول العرب وعظماء الإسلام" التي يرصد فيها تاريخ الإسلام منذ فجر الدعوة حتى أيامه, فكما نرى كان الشعور بأن أدبنا ينقصه هذا الفن، هو السبب الرئيسي في التحمس في إدخالها عندنا، كي لا يكون أدبنا أقل من الآداب الأخرى. ومِن نَاحية ثانية فإن هذا الأمر دليل على ما يمكن أن يؤدي إلى التفاعل بين الآداب، وتَعَاوُنها فيما بينها، واستعارة بعضها من بعض من نتائج طيبة.
وهذا الكلام يصدق أيضًا على جهود رواد المسرح العربي في أن يدخلوا عندنا هذا الجنس الأدبي، الذي يقوم بوجه عام على الصراع؛ الصراع بين دولتين أو طبقتين أو فكرتين أو أسرتين أو شخصين، أو بين العقل والعاطفة، أو بين عاطفتين كالرغبة في عمل شيء ما، والخوف من الفضيحة الاجتماعية أو من العقاب الإلهي.
وفي المسرح اليوناني الوثني قد يكون الصراع بين الآلهة والبشر, ومن ناحية أخرى قد يكون الصراع خارجيًّا، كما في حالة الصراع بين شخص وآخر، أو بين دولة وأخرى، وقد يكون داخليًّا، وهو ما يحدث عندما يكون الصراع في داخل الشخص نفسه بين عقله وعاطفته مثلًا.