الترجمة تذهب بحسن الأصل الأدبي في أية لغة، يستوي في ذلك أن تكون القصيدة منقولةً من الفرنسية بلغتنا أو العكس.

هذا، وقد تكررت الإشارة إلى حرص الغرب على نشر ثقافته وآدابه في العالم على حساب الثقافات والآداب الأخرى، وهو ما يسمى بالاختراق الحضاري، أي: العمل على غزو الشعوب الأخرى غزوًا ثقافيًّا وأدبيًّا، وطبعها بطابع غربي؛ كي يسهل انقيادها وشعورها بأنها تابعة للغرب، فلا تبدي مقاومةً لمخططات في إخضاعها سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، ومن ثَم لا يحتاج إلى جيوش يجيشها، وأموال ينفقها، وجنود وضباط تزهق أرواحهم في المواجهة بين المقاومة الوطنية وجيوش احتلاله.

وقد سبق أني استشهدت بقول الدكتور حسام الدين الخطيب: إنه ينبغي الاعتراف بأن الذي تغير اليوم هو الوعي العالمي العام، بأن النموذج الغربي متفوق حقًّا في مختلف مجالات الثقافة والعلم، والإنتاج والقوة المادية، والاتصال، وغزو الفضاء، ولكن له مشكلاته ونقائصه وتناقضاته، ولا سيما بين المثل الأعلى المعلن والمثل غير الأعلى للهيمنة والسيطرة والاستيلاب، ولذلك ينبغي أن يكون الموقف منه حذرًا وانتقائيًّا وغيرَ مبني على الانبهار والتسليم الأعمى، كما أن هناك شيئًا آخر مهمًّا قد تغير في مجال المقارنة مع المركزية الأوربية، وهو الاعتراف الضمني أو الصريح بعظمة حضارات العالم القديم في إفريقيا وآسيا، والتسليم بما قدمته هذه الحضارات، ومنها الحضارة العربية الإسلامية من إسهام مباشر أو غير مباشر في مسيرة الحضارة الإنسانية.

وهنا أيضًا يقتضي الإنصاف منا الإشارة إلى أن عددًا لا يُستهان به من مثقفي الغرب وعلمائهم وأدبائه، أسهموا في دعم هذه الفكرة ونشرها، وإلى جانبها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015