فكرة أصالة الإنتاج الفني والأدبي الراهن في بلدان العالم القديم أو بلدان الجنوب، وضرورة وضعه في واجهة لائحة التثقيف اليومي للأجيال من جهة، والاستعانة به في جهة أخرى؛ لترسيخ النزعة الإنسانية والفطرية لدى جمهرة المتنقلة في العالم.
ومثال ذلك رسالة منظمة اليونسكو، ولا سيما في مجال إحياء الثقافات المستضعفة، وإعادة بناء قائمة الروائع الأدبية العالمية، بحيث تشمل منجزات العالم القديم الثالث، وكل هذه التغيرات تصب في صالح المقارنة؛ لتجعل منها رافدًا فعالًا من روافد الصبوة العريقة للاتجاه نحو بناء حضارة إنسانية منسجمة مع ذاتها أو مثلها، وغير قائمة على التناقضات والتمييز بين الأنا والآخر.
وبالنسبة إلى خصوصية الأدب القومي، وعلاقة ذلك بالأدب المقارن، نقول: إنه لمن الواجب على المقارن العربي المسلم أن ينتبه أن هناك فروقًا بين عاداتنا وتقاليدنا وعقيدتنا وأخلاقنا وأذواقنا، وبين نظيراتها عند الأمم الأخرى، وأن كل ذلك من شأنه على نحو أو على آخر، أن يطبع كل أدب بطابعه. وعلى هذا فلا بد عند الأخذ من الآداب الأخرى أو دراسة هذا الأخذ، أن نكون على بصيرة ووعي كاملين بها، فلا نترامَى على آداب الآخرين فرحين بتقليدها، أو النقل عنها باعتبار ما ننقله شيئًا جديدًا، وبالذات إذا كان خاصًّا بأمة من أمم الغرب القوية المتقدمة في عصرنا؛ ظنًّا منا أننا حين ننقل عن أي من تلك الأمم فإننا بهذه الطريقة نلحقها ونستعيرها في تقدمها وقوتها، إذ ليس كل ما يقدمه الغرب سليمًا دائمًا، فضلًا عن أن يكون نافعًا، وبالذات لنا نحن الذين نختلف