وترجمة الأعمال الأدبية إلى اللغات الواسعة الانتشار، والكتابة عنها، والإشادة بها وبأصحابها، وتلميع أسمائهم، هي باب من أبواب المكافأة في هذا المضمار. ويتحدث الدكتور حسام الدين الخطيب عن تأثير المركزية الأوربية في ذلك الميدان، إذ ما أسرع أن تترجم وتختار للقراءة في كتب المختارات إبداعات الإغريق والرومان، وسائر الإبداعات الأوربية المعاصرة، في الوقت الذي يندر فيه ترجمة إبداع لأي عربي أو مسلم.
ونقرر ما قلناه لتونا من أن الأدباء العرب والمسلمين الذين يحتفى بهم عادةً هم أولئك الذين يكتبون على هوى الغربيين، فيتناولون موضوعات بعينها كالإباحية الجنسية، والشذوذ، والتمرد، والإلحاد، والتغيير في المجتمعات العربية والإسلامية، ويدعون إلى قيم تتصادم وقيم الإسلام، ويتداعون إلى نصرتها بدعوتها حرية الفكر والتعبير، وأن الأدب يعلو ولا يعلَى عليه، فلا ينبغي من ثم أن يخضع لأي قيمة دينية أو أخلاقية ... وهكذا.
والآن، ما الذي ينبغي أن يصنعه المقارنون في هذا السياق؟
الواقع أن المقارن الغربي ينبغي أن يعلو فوق مثل تلك الاعتبارات لو أراد أن يكون مقارنًا محترمًا، فيبحث عن الإبداعات غير الغربية ويسلط عليها الضوء، دون أن يقيم للاعتبارات التي تناولناها لتونا أية أهمية. بل يعتمد على يمليه عليه ضميره النقدي وميزانه الإنساني المستقيم، وإذا وجد إبداعًا راقيًّا أشاد به بغض النظر عن أي شيء آخر، إذ لا ينبغي أن يكون لديه ابتداءً أي مانع من أن يكون الإبداع غير الغربي أفضل من نظيره الغربي المشابه له.
ومن جهة أخرى فقد نبه الدكتور محمد غنيمي هلال إلى معنى مهم حين قال: إن عالمية الأدب في معناها الذي شرحناه، وهو خروج الآداب من حدودها القومية طلبًا لما هو جديد مفيد تهضمه وتتغذى به، واستجابةً لضرورة التعاون الفقهي والفني بعضهم البعض، لها أسسها العامة والتي تحدد سيرها.