اختلاف بيئاتهم وأوطانهم ولغاتهم أنفسهم فيه، ويتفاعلون بقوة مع ما يُبدع، رغم أنه إنما يتحدث في الإساس عن الناس في بعض أحياء القاهرة.

أما الدكتور الطاهر أحمد مكي فيقول: إن "بوتا" قد أعاد النظر في معنى عالمية الأدب، إذ رجع فوضح أن الفكرة التي ينادي بها ليست هي أن تفكر الأمم بطريقة واحدة، وإنما عليها أن تتعلم كيف تتفاهم فيما بينها. وإذا لم يكن يعنيها الحب المتبادل فلا أقل من أن تتعلم كيف تتسامح، فالحمد الله الذي جعل الفيلسوف والأديب الجرماني يرجع إلى ما يمكن وقوعه بدلًا من التعلق بأهداب ما يبدو مستحيلًا لا يُستثار تحقيقه.

وثم معنى ثالث لمفهوم العالمية ألا وهو بلوغ بعض الأعمال الأدبية مستوى فنيًّا ومضمونيًّا سامقًا، بحيث يُقبل عليها النقاد والقراء من مختلف دول العالم، ويجدون فيها المتعة والفائدة، ويتفقون على أنها أعمال متميزة على مستوى العالم.

لكن كيف تصل تلك الإبداعات لأيدي القراء من مختلف دول العالم؟

ليس هناك من سبيل إلا الترجمة، فهي وسيلة المواصلات التي تنقل تلك الأعمال إلى القراء، لكن مَن يقوم بهذه المهمة؟ إنهم ناس من الناس يخضعون لما يخضع له الناس من كسل وهوى وتعصب واعتبارات سياسية أو دينية أو أدبية، ومن ثَم فمن الممكن أن تترجم أعمالٌ لا ترقى إلى المستوى العالمي، وتهمل أعمال أخرى رغم قيمتها الفنية والإنسانية العالية. ولقد سبق أن أشرت قبل قليل إلى ما تصنعه المؤسسات الغربية الثقافية والسياسية مع أدباء العالم الثالث، إذ تقرر مَن ينخرطوا في خدمة مخططاتهم، وتُغدق عليهم نفحاتها، في الوقت الذي تضرب فيه صفحًا عمن يتأبى منهم على ذلك ويخلص لوطنه ودينه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015