ثم مضى يذكر أهم تلك الأسس، ومنها: أنه ينبغي للأديب المتأثر البحث أثناء عملية الاختيار التي يقوم بها؛ بُغيةَ النهوض والتقدم عما يساعده في بلوغ هذا الهدف ويعصمه من التردي فيما يضيره، ومنه: الحفاظ على اللغة القومية، والخصائص العبقرية للأدب القومي، فلا يكون نقل الأدب القومي عن الآداب الأخرى تقليدًا أعمى، يمحو أصالته، ويربطه برباط التبعية والعبودية لتلك الآداب. وهو يرى أنه لا بد من التلاقح مع الآداب الأخرى؛ لأن أي أدب قومي لا يمكنه الاستقلال التام عن الآداب الأخرى، بل لا بد له من العطاء والأخذ، وإلا أصابه الركود والعطن.

وفي ذات الوقت نبه الدكتور هلال: إلى أنه ينبغي للأدباء والنقاد والقراء ألا يتطرفوا في أي من الاتجاهين؛ اتجاه الحرص المبالغ فيه على التقاليد، أو اتجاه التطرف والتمرد على كل قديم، ونحن نوافقه في هذا، وعلى أهل كل أدب أن يزنوا الأمور في هذه الحالة بميزان العقل المستقيم والذوق السليم، متسلحين بالثقة بالنفس، وسعة الأفق، والحرص على الذاتية، التي تميز الأدب القومي التمييز الذي يُفتخر به دون تعصب مطلق لكل ما فيه، حتى لو ثبت ضرره، وكذلك دون التعبد لما عند الآخرين لمجرد أنه غربي حتى لو ثبت أنه خالٍ من القيمة.

المثاقفه بين الآداب وبعضها

وهذا يجرنا إلى الحديث عن المثاقفة بين الآداب، أي: أَخْذ الثقافات والآداب بعضها عن بعض؛ بُغيةَ التجديد والتطوير والتحسين، ومعروف أنه لو بقي الماء في مكانه دون حركة ودون تجدد لصار راكدًا تعافه الناس بل ضارًّا يؤذي.

وهذه المثاقفه من شأنها أن توسع الأفق، إذ ترينا كيف أن الأذواق والأوضاع والقيم الأدبية تختلف من أدب إلى آخر، ومن أمة إلى أخرى، رغم أن هناك أشياء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015