شبكات التلفازية المنتشرة عالميًّا مثال على توحد العالم في معلومات إخبارية واحدة تقريبًا. ومن الأمثلة الواضحة أيضًا ما يحدث على مستوى الحاسبات الآلية ودخولها في شبكة من الاتصالات التي تربط مستعملي الحاسب الشخصي والحاسبات المركزية الضخمة في نظام واحد يُطلق عليه "الإنترنت".

لكن العولمة مثل التعددية الثقافية لم تؤد -كما يرى- الكثيرون إلى تعددية متساوية أو متوازية في المؤثرات الثقافية، وإنما تعكس الوضع الحضاري العالمي الذي يهيمن فيه النموذج الحضاري الغربي على غيره من النماذج، وإذا كانت تلك الهيمنة لا تتخذ شكل المواجهة المباشرة كما كان يحدث في الاستعمار الأوربي القديم للشعوب الأخرى، فإنها تتمثل في نوع من الزحف الحضاري السلمي وغير المباشر، كانتشار مطاعم الهمبورجر الأميركية، أو ملابس الجينز، أو أغاني الروك، أو من خلال سلاسل الفناقد الأميركية أو الأوربية أو شبكات التلفزيون الغربية، فعلى الرغم من أن هذه لم تنتج عن محو غيرها من المؤكلات أو الملابس أو أشكال الثقافة والاستثمار الاقتصادي الأخرى، فإنها زاحمتها إما إلى درجة الحد من الانتشار أو إلى ما يشبه الإلغاء التام، وذلك نتيجةً لأسباب كثيرة من أبرزها: عدم التكافؤ في المنافسة الاقتصادية.

ومن هنا فإن هناك من يرى أن العولمة أدت وتؤدي في كثير من الأحيان إلى هيمنة نموذج حضاري واحد هو النموذج الغربي الأميركي في المقام الأول.

ويحاول بعض المتحمسين للعولمة الثقافية أن يقنعوا الناس بأنها سوف تؤدي إلى إلغاء مختلف الحواجز التي ظلت قائمة تاريخية، ومن ثَم إلى زيادة التفاهم بين البشر والقضاء على التعصب والتنميطات؛ قفزًا فوق الحواجز الجغرافية والتاريخية والعرفية والدينية، وما إلى ذلك، ولا شك أن المشباك -أي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015