وقد حضرت الحمامة واسمها "فاختة" في أول الرسالة لأغراض الكوميديا:
فارت الجمل من بغل لتنتقم لنفسها في مؤامرة ضمنية بينها وبين الحصان، ثم غاب ت عن المشهد مخلية المجال للبغل والحصان اللذين لم يفتح حواريتهما الطويلة إلا حضور الثعلب بأخبار ملك الروم، فقد كانت الأمة في مواجهة عدوان خارجي، والثعلب بمثابة وزير فيها، قريبًا لذلك الكائن المحدود المدارك في لحظة حاسمة من لحظات تاريخ أمتنا المجيد.
ويمضي اللاذقاني موضحًا أسباب تأليف تلك الرسالة، قائلًا: إنه كان لأبناء شقيق المعري قطعة أرض بور قريبة من حماة، وكان الوالي يلزمهما دفع الضرائب، وقد طلب منه أن يتوسط لدى حاكم حَلب الذي كان يولي ولاة تلك المناطق كي يسقط عنهما الضريبة، فاستصغر الأمر، ولما زاد الإلحاح العائلي قدحت الفكرة في ذهن الشاعر، فكتب لحاكم حلب عزيز الدولة تلك الرسالة الطويلة، ومدحه فيها على طريقة مدائح المتنبي لكافور، وأثنى على انقطاعه للنظر في علم العروض، ولك أن تتصور حجم السخرية المبطنة من حاكم حلب، وهو من أصل رومي، وكان تابعًا لـ"منجد كين الأرمني" غلام الحاكم بأمر الله، وهو يترك شئون المقاطعة المهددة بالغزو في كل لحظة، ويتفرغ للمناقشات الزاحفات، والعلل في عروض الخليل بن أحمد الفراهيدي، وما أضافه واستدركه الزجاج وآخرون.
ويمنح مؤلف رسالة "الصاهل والشاحج" في بعض المواقع إلى احتمال تعاون عزيز الدولة مع ملك الروم، فيستعين بوصول هدية منه إلى حاكم حلب، تتألف من عدد كبير من الغلمان، ثم يحاول أن يبرر أسبابها، وكل غرضه أن يثبت الخبر الذي أتاه به الثعلب.
وفي ملكية هؤلاء الغلمان عدة أقوال، فبعض الناس يشيعون أنه هدية ملك الروم، وآخرون يقولون: إن عزيز الدولة اشتراهم بماله، وتلك الرواية لا تقلق