وصلوات الله على الملائكة المقربين، وعلى عباده الصالحين، وأهل السماوات والأرض من المؤمنين والمسلمين، وجعلنا وإياكم منهم برحمته، وهو أرحم الراحمين.
والحمد الله الذي خلق من الماء بشرًا وخلق منه زوجةً، وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً، وأكرمَ ذريتهما، وحملهم في البر والبحر، ورزقهم من الطيبات، قال الله -عز وجل-: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (النحل: 5، 6)، وقال -عز وجل: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} (المؤمنون: 22)، وقال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (النحل: 8)، وقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} (الزخرف: 13).
وآيات كثيرة في القرآن والتوراة والإنجيل، تدل على أنها خلقت لنا ومن أجلنا، وهي عبيد لنا ونحن أربابها، وأستغفر الله لي ولكم.
قال الملك: قد سمعتم معشر البهائم والأنعام ما ذكر الإنسي من آيات القرآن، واستدل بها على دعواه، فأي شيء عندكم فيما قال؟
فقام عند ذلك زعيمها وهو البغل، فقال: الحمد الله، الواحد الأحد، الفرد الصمد، القديم السرمدي، الذي كان قبل الأكوان بلا زمان ولا مكان، ثم قال: كن، فكان نورًا ساطعًا أظهره من مكنون غيبه، ثم خلق من النور نارًا أجاجًا، وبحرًا من الماء رجراجًا ذا أمواج، ثم خلق من الماء والنار أفلاكًا ذات أبراج، وكواكبَ وسراجًا وهاجًا، والسماء بناها، والأرض طحاها، والجبال أرساها، وجعل أطباقَ السموات مسكنَ للعليين، وفسحة الأفلاك مسكن الملائكة المقربين، والأرض وضعها للأنام، وهي النبات والحيوان، وخلق الجان