"بيوراس" ملك الجن تطلب عدله، فبادر "بيوراس" إلى دعوة بني الإنسان الذين أسرعوا بدورهم لعرض الشكايات من الحيوانات عبيدهم الآبقين، واستدعى الملك البهائمَ ليسمع جوابها، وأخذ كل من الطرفين يعرض ادعاءاته، ويعرض دفوعه الواحد تلو الآخر، وكان محور النزاع هو مدى ما للإنسان من حق السيادة على الحيوانات، وقد صدر الحكم في نهاية المحاكمة بأن البشر يتميزون عن غيرهم من المخلوقات بالخلود والبقاء، فأمر الملك أن تكون الحيوانات بأجمعها تحت أمرهم ونهيهم، منقادين لهم، فقبلوا مقاله، ورضوا بذلك وانصرفوا آمنين.
وتستند الرسالة في معالجتها لموضوع الخلاف بين البشر والحيوانات على أدلة نقلية من القرآن الكريم، وأخرى فلسفية أملاها العقل يحتج بها الإنسان؛ ليبرر بها سلطته على الحيوان، يقابلها الحيوان بأدلة أخرى نقلية وعقلية، يرد بها على الإنسان، ويفند حجته.
فمن ذلك هذا الحوار النقلي والعقلي بين الطرفين الذي أعطى الرسالة مكانتها وقيمتها:
قال الملك: قولوا ما تريدون وبينوا ما تقولون، قال زعيم الإنس: نعم أيها الملك، إن هذه البهائم والأنعام والسباع والوحوش والحيوانات أجمع عبيدنا، ونحن أربابها، فمنها هارب عاص ومنها مطيع كاره منكر للعبودية، فقال الملك للإنسي: ما الدليل؟ وما الحجة على ما زعمتَ وادعيت؟ قال الإنسي: نعم أيها الملك، لنا دلائل شرعية سمعية على ما قلتُ، وحجج عقلية، فقال: هات، فقام خطيب من الإنس من أولاد العباس -رضوان الله عليه- فصعد المنبر فقال: الحمد الله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، صاحب الشفاعة يوم الدين،