يقول "شيلي":
أيتها الثائرة.
ادفعي أفكاري الميتة في أرجاء الكون.
كما تدفعين الأوراق الذابلة.
لتعجلي بميلاد كون جديد.
ويقول السياب:
وكل دمعة من الجياع والعراة.
وكل قطرة تُراق من دم العبيد.
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد.
أو حلمة توردت على فم الوليد.
في عالم الغد الفتي واهب الحياة.
أما بالنسبة للصور الجميلة التي زخرت بها قصيدة السياب، فيمكن رد جذورها إلى فهم "شيلي" لتركيبة الصورة التي تعتمد على المزج بين الحسي والمجرد بشفافية أسيرة، وبين الواقع والمثال، حتى لا يغدو الفصل بينهما أمرًا في غاية الصعوبة، وكذلك إلى أن صناعة الصورة تقوم على التقابل التناظري بين ما هو معنوي ومجرد من جهة، وبين ما هو حسي وواقعي من جهة أخرى.
ويأخذ الكاتب صورةً واحدةً من الصور المشهورة للسياب؛ لنرى مدى التطابق والتشابه في صناعة الصورة عند الشاعرين:
عيناك غابتَا نخيل ساعةَ السحر.
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر.
عيناك حين تبسمان تورق الكروم.
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر.