اعتبر الأدب المقارن الترجمة فرعًا صغيرًا من فروعه، ولكن هذا الافتراض يثير الآن تساؤلات كثيرة، لأن ما قام به بعض العلماء يوضح أن الترجمة تكون على درجة كبيرة من الأهمية في أوقات التحولات الثقافية العظيمة.
كما أن الترجمة تعد عملية بحث دائم عن الجوانب اللغوية والدلالية بين لغتين أو أكثر لتحديد الارتباطات اللغوية بين النتاجات المختلفة، التي قد تبدو متباينة من حيث المنطق وقواعد اللغة، لكنها تشترك في تجسيد الحالات النفسية والاجتماعية التي تنبع من أحاسيس ومشاعر إنسانية مشتركة.
4 - التكافؤ الثقافي: ويتحقق من خلال ردم الهوة بين الثقافات المتباينة، ورفع الغبن التاريخي الذي لحق ببعض الثقافات؛ لأن التاريخ لم يشهد تساويًا وتكافؤ كاملًا في مستوى تطور الحضارات، بل جعل ثقافات بعض الشعوب ثقافات مهيمنة ومسيطرة، فيما جعل بعض الثقافات ثقافات مقلدة أو مهمشة؛ عليه فإن مهمة الأدب المقارن هي خلق حالة من التوازن والتكافؤ بين الآداب والثقافات المختلفة.
وليس بيننا وبين الكاتب بشأن هذا الكلام اختلاف يذكر، ما دام الأمر -كما يرى القارئ- لا يخرج عن دائرة الممكن والمحتمل، وهو ما قلناه مبكرًا؛ وهذه النقطة من الأهمية بمكان، كي لا نُعَلّق على الأدب المقارن كثير من الآمال الجامحة، التي ينتهي الإخفاق في تحقيقها إلى الإحباط واليأس، ناهيك عن الجهود الكثيرة التي تكون قد ضاعت.
ومن ثم؛ فالحصافة تقتضي أن نكون واقعيين، فلا نحلق في سموات الخيال والأوهام، ولقد ظَلّ الغربُ يَدرُسنا ويدرس حضارتنا مئات السنين، وأصبح يعرف عنا كل شيء وبطريقة منهجية؛ فهل ساعد ذلك على أن تكون علاقته بنا