طيبة، واحترامه لخصوصيتنا كبيرة، بالعكس فقد ظل أيضًا طوال تلك الفترة يمارس علينا مؤامراته الخبيثة، ويعمل بكل السبل على تحقير ثقافتنا، ويدعي علينا وعلى كل ما يتصل بنا الادعاءات، ويحاول بجميع قواه إفقادنا ثقتنا بأنفسنا وبماضينا وحاضرنا كله.
ولو كانت معرفتنا الآخر معينة بالضرورة على التفاهم السليم واحترام تراثه وخصوصيته، لكان حظّنا مع الغرب أفضل من ذلك كثيرًا، أما ونحن نحترق منذ قرون بناره، وكيده اللئيم، وعدوانه الوحشي الذي لا يعرف هوادة ولا خجلًا؛ فلنعرف جيدًا أن الأدب المقارن ليس من شأنه أن يصلح الأحوال ضربة لازب، بل يعتمد الأمر على النية والإرادة، كما سبق أن وضحت.
ولقد كانت نية الغرب من وراء هذه المعرفة سيئة منذ البداية، إذ دخل هذا الميدان وهدفه البغي والعدوان، وإن لم يمنع هذا من وجود شرفاء فيه ذوي ضمائر حية وإنسانية راقية، بيد أننا حين نتكلم هنا عن الغرب؛ فالمقصود هو الاتجاه العام بين شعوبه وأفراده، وبخاصة بين الساسة والمثقفين، الذي يعانون أولئك الساسة ويجعلون علمهم في خدمة مخططاتهم، وكذلك الجماهير التي تأتي بهم إلى سدة الحكم، وتصوت لهم وتضع يدها في أيديهم لبلوغ تلك الغايات الأثيمة.
ولكي يكون القارئ على بينة مما نقول: فإننا ننقل هنا الفقرة التالية من مقال الدكتور سامية عبد العزيز، أستاذة الحضارة الفرنسية بآداب المنوفية سابقًا، وهو موجود على المشباك "أي: الإنترنت" وعنوانه "الديني والسياسي في التعامل الغربي مع القرآن رؤية شاملة" وهذه الفقرة المذكورة: يقول الكاتب "جون بود يار" في كتابه المعنون (قوى الجحيم) الصادر في أواخر أكتوبر سنة ألفين واثنتين: