المستضعفة وإعادة بناء قائمة الروائع الأدبية العالمية، بحيث تشمل منجزات العالم القديم العالم الثالث. وكل هذه المتغيرات تصب في صالح المقارنة، لتجعل منها رافدًا فعالًا من روافد الصبوة العريقة، للاتجاه نحو بناء حضارة إنسانية منسجمة مع ذاتها، وغير قائمة على التناقضات والتمييز بين الأنا والآخر.

العوامل التي ساعدت على نشأة الأدب المقارن

وفي كتابه (الأدب المقارن دراسات تطبيقية في الأدبين العربي والفارسي) يثير الدكتور محمد سعيد جمال الدين نقطة جديرة بالتأمل والبحث، إذ يرى أن نشؤ علم الأدب المقارن في القرن التاسع عشر، يعدُّ مفارقة تستوقف النظر قال: "والحق أننا نعجب لنشأه هذا العلم في أوربا، في وقت سادتها روح العصبية القومية، ونشبت الحروب بين دولها، وكانت التنازع والتكالب على اكتساب الغنائم الاستعمارية على أشده، بينها؛ مما عمق فكرة الأثرة القومية والعصبية المقيتة في نفوس الشعوب الأوربية، وأخذ كل واحد من هذه الشعوب ينظر للآخر نظرة العداء والازدراء.

ووجه العَجَب هُنا: أنّ طبيعة الأدب المقارن لا تتفق مطلقًا مع روح التعصب والأثرة القومية؛ فهو يقف في الوسط ليرصد التيارات الفكرية المتبادلة بين الآداب المختلفة، ويَرْقُب عوامل التأثير والتأثر فيما بينها، فكيف يتسنى لهذا العلم أن يقوم بمهمته هذه في ظل جو مشبع بعوامل الاستعلاء والتمييز القومي؟.

كيفَ يُمكن لهذا العلم أن يعنى بدراسة نقاط الالتقاء بين الآداب، والسمات المشتركة بينها، في وقت كان هم كل أمة من هذه الأمم الأوربية مُنحصرًا في بيان أوجه الاختلاف والتعارض بين أدبها؟ وفي أن أدبها هو الأكثر كمالًا وفضلًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015