وبالمثل تكلم عن الفرق بين العروض العربي ونظيره الفرنسي، قائلًا: إنّ لكل لغة عروضها الخاص بها، وإنّ النّثر الفرنسي لا يعرف التقفية، أي: أنهم يلجئون إلى السجع بخلاف الحال عندنا، حيث يستخدم السجع في الرسائل والخطب والتاريخ، وما إلى ذلك حسبما يقول.

كما أنّ المؤلفين الفرنسيين يهتمون بالتدقيق في ألفاظهم وعباراتهم، ويعملون على أن يجيء ما يكتبونه واضحًا، لا يحوج إلى معاناة في الفهم والتعلم، ولا إلى ما كان يسمى عندنا بفك الألفاظ، ومن ثم فليس للكتب الفرنسية شروح ولا حواش اللهم إلا إذا استلزم الأمر بعض التعليقات السريعة، لمزيد من الضبط والإتقان.

وبالمناسبة لم يقصد رفاعة بالملاحظة الأخيرة أن هذا عيب ملازم للغة العربية، كما يفهم من كلام الدكتور جابر عصفور في قوله عن شيخنا الطهطاوي: يبدو أن هذا الحرص على إيقاظ النيام، والذي دفعه إلى الاهتمام باللغة الفرنسية؛ من حيثُ قُدراتُها الآدائيةُ التي لا يُتلاعب فيها بالعبارات، ولا بالمحسنات البديعية اللفظية. وكذا غالب المحسنات البديعية المعنوية، وربما عد ما يكون للمحسنات العربية ركاكة عند الفرنسيين كما يقول.

ويتصل بذلك ما ينتهي إليه من أن سهولة اللغة الفرنسية تعينهم على التقدم، حيث أنه لا التباس فيها أصلًا؛ فالألفاظ مبينة بنفسها، والقارئ لكتاباتها لا يحتاج إلى تطبيق ألفاظه على قواعد أخرى، بل رامية من آن لآخر. وذلك بخلاف اللغة العربية مثلًا؛ فإنّ الإنسان الذي يطالع كتابًا من كتبها في علم من العلوم، يحتاج أن يطبقه على سائر آلات اللغة، ويدقق في الألفاظ ما أمكن، ويحمل العبارة معاني بعيدة عن ظاهرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015