والمنادي ينادي حسبما رسم الخليفة أنه لا مقدم من بغداد في الميمنة إلا المقدم أحمد الدنف، ولا مقدم من بغداد في الميسرة إلا حسن شومان، وأنهما مسموعا الكلمة واجبا الحرمة.
وكان في البلدة عجوزًا تُسمى الدليلة المُحتالة، ولها بنت تسمى زينب النصابة؛ فسمعتا المناداة بذلك، فقالت زينب لأمها دليلة: انظري يا أمي، هذا أحمد الدنف جاء من مصر مطرودًا، ولعب مناصب في بغداد، إلى أن تقرب عند الخليفة، وبقي مقدم الميمنة، وهذا الولد الأقرع حسن شومان مقدم الميسرة، وله سماط في الغداء وسماط في العشاء، ولهما جوامق لكل واحد منهما ألف دينار في كل شهر، ونحن معطلون في هذا البيت لا مقام لنا ولا حرمة، وليس لنا من يسأل عنا.
وكان زوج دليلة مقدم بغداد سابقًا، وكان له عند الخليفة في كل شهر ألف دينار؛ فمات عن بنتين بنت متزوجة ومعها ولد يسمى أحمد اللقيط، وبنت عازبة تسمى زينب النصابة، وكانت الدليلة صاحبة حيل وخداع ومناصف، وكانت تتحايل على الثعبان حتى تطلعه من وكره، وكان إبليس يتعلم منها المكر، وكان زوجها براجًا عند الخليفة، وكان له جامكية في كل شهر ألف دينار، وكان يربي حمام البطاقة الذي يسافر بالكتب والرسائل، وكان عند الخليفة كل طير وقت حاجته أعز من واحد من أولاده، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح".
وفي الليلة التالية قالت: "بلغني أيها الملك السعيد، أنّ زينب النصابة لما قالت لأمها: قومي اعملي لنا حيلًا ومناصف، لعل بذلك يشيع لنا صيت في بغداد، فتكون لنا جامكية أبينا؛ فقالت لها: وحياتك يا ابنتي، لألعبن في بغداد مناصف