ومنها كذلك أبيات البحتري في وصف الربيع، وهو ساكن في رقدته الشتوية، مختالًا ضاحكًا ابتهاجًا بما حباه الله به من الحسن والجمال، حتى أوشك أن ينطق من الفرح والابتهاج.
أما بالنسبة إلى الواقعية؛ فكما يقول الدكتور مندور في كتابه (الأدب ومذاهبه): نشأ هذا المذهب في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، تَحت تأثير الحركة العلمية والفلسفية؛ ورد فعل على الإفراط العاطفي التي اتسمت به الرومانسية، فقد ازدهرا معًا وتجاورا، وقد عمد الواقعيين أن تشخيص الآفات الاجتماعية، وتصوير معاناة الطبقة الدنيا وبدءوا بذلك حتى اتسم أدبهم بطابع تشاؤمي، ومسحة سوداء.
ويعد "بلزاك" الذي عاش في النصف الأول من القرن التاسع عشر الرائد الأول للواقعية في فرنسا، وقد خَلّف أكبر موسوعة في الأدب الواقعي، وهي تشمل نحو مائة وخمسين قصة أطلق عليها اسم "الكوميديا البشرية" وتُمَثِّلُ قِطَاعَاتٍ مُختلفة من الحياة؛ كما نَجِدُ عدة أدباء آخرين من فرنسا في مجال الواقعية مثل: "جوستاف لوبير" وهو صاحب الأعمال الأدبية المتميزة مثل "مدام بوفريه" و"سلمبو" وغيرهما من الأعمال الأدبية القيمة.
ويقول الدكتور مندور أيضًا: إنّ الواقعية كمذهب أدبي ليست هي الأخذ عن واقع الحياة، وتصويره بخيره وشره؛ كالآلة الفوتوغرافية، كما أنها ليست معالجة لمشاكل المجتمع ومحاولة لحلها، أو ضد أدب الخيال أو الأبراج العاجية؛ بل هي فلسفة في فهم الحياة والأحياء وتفسيرهما. أو هي وجهة نظر خاصة ترى الحياة من