أما "أمين الريحاني" فقد عرف بترجمته عدد من القصائد لشعراء أمريكيين من أبرزهم "وولت ميتمان" الذي اتخذه رائدًا له في الخروج على الأساليب المتداولة؛ فتابعه وأدخل في اللغة العربية ما اصطلح عليه باسم "الشعر المنثور" حسبما كتب في مقدمة ديوانه "هتاف الأودية".
وقد تجلى التأثير الذي أحدثه "ويتمان" في موضوعات قصائد "الريحاني" وروحها وصدر "هتاف الأودية" عام 1910م مشتملًا على عدد كبير من النصوص منها "ريح سموم" "الثورة"، "عند مهد الربيع"، "هتاف الأودية"، "معبدي في الوادي"، "إلى الله"، "بلبل ورياح"، "الزنبقة الزاوية"، "أنا الشرق"، "إلى أبي العلاء"، "حصاد الزمان"، "البعث"، "طريقان".
وكتب الريحاني مقدمة الكتاب أشار فيها إلى المصطلح الذي يطلقه الفرنسيون والإنجليز على هذا اللون من الكتابة وهو بالفرنسية " Vers libres" وهو بالإنجليزية " Free verse" أي: "الشعر الحر" الطليق قائلًا: "إنّ "شكسبير" قد أطلق الشعر الإنجليزي من قيود القافية، أما "ويتمان" فقد أطلقه من قيود العروض".
وإن أكّد أديبنا اللبناني في ذات الوقت أن لهذا الشعر الطليق وزنًا جديدًا مخصوصًا، وأنّ القصيدة منه قد تجيء من أبحر عديدة ومتنوعة, كذلك أشار الريحاني إلى أن السمات التي تميز شعر "ويتمان" لا تنحصر في قالبه الغريب الجديد فقط؛ بل فيما تشتمل عليه من الفلسفة والخيال، مما هو أشد غرابة وجدة.
ولنأخذ من مجموعة الريحاني النص التالي وهو بعنوان "إلى جبران": "على شاطئ البحر الأبيض بين مصب النهر وجبيب، رأيت نسوة ثلاثة يتطلعن إلى المشرق, الشمس كالجلنار تنبثق من ثلج كلل الجبل, امرأة في ثوب أسود، وقد قبل