"بيرون" و"شيلي" و"ويلز ويرس" وغيرهم كما قلنا؛ الأمر الذي فتح أمامه المفهوم الجديد للشعر، غير أن العقاد في كتابه (شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي) ينفي أن يكون تأثرهم بهؤلاء نابعًا من التقليد الأعمى لهم، مؤكدًا أن السبب هو تشَابه المزاجي، واتجاه العصر كله لا تشابه التقليد والفناء.
ومن مظاهر تأثر مدرسة الديوان بالرومانسية الإنجليزية مهاجمتهم "لشوقي" و"حافظ" وغيرهما باعتبار أنّ أشعارهم درب من التقيد بأغلال الماضي في الفكر والأسلوب والموضوعات, كذلك هناك تعريفهم لفن الشعر إذ قالوا: إنه انعكاس لما في النفس من مشاعر وأحاسيس، وينبغي أن يصدر عن الطبع دون تكلف، ويُضاف إلى هذا ما نسبوه إلى الشعر من غايات وأهداف؛ فالرومانسيون يرون أن من أهداف الشعر الكشف عن مظاهر الجمال في الوجود الإنساني، وكذلك الكشف عن الحقيقة بأعمق صورها وهو ما كان تقوله مدرسة الديوان.
فإذا ما انتقلنا إلى شعراء المهجر وجدنا "جبران خليل جبران" نزاعًا إلى الغرب الأوربي حتى لقد حكى عنه بعض من يعرفه، أنه كان كلما انتهره وهو صغير يقول له: "ما لك وما لي أنا إيطالي" كما كان يقص لأصدقائه أنه بلغ من الهيام بالأدب الإنجليزي، أن تكررت رؤيته في المنام لـ"كيتس" و"شيلي" و"شكسبير", وإلى جانب هذا فقد تأثر بـ"ويليم بليك" إلى مدى بعيد وكان لا يكاد يقترب كثيرًا من الشعر الرومانسي بفرنسا وإنجلترا, كذلك كان حاكي في قصائده النثرية قصائد الشاعر الأمريكي "وولت ميتمان" مبتكر فن شعري سماه " Free verse" وذلك لون النثر الفني الذي حاكاه "أمين الريحاني" وأطلق عليه الشعر المنثور.