وتزداد فرصة تحقق الوحدة العضوية إذا كانت القصيدة قائمة على نظام المقاطع الذي ينفرد فيه كل مقطع بشكل موسيقي مختلف، ففي هذه الحالة يستحيل أن ينتقل أي بيت في القصيدة من مقطع إلى مقطع آخر، وإلا فسد نظامها الموسيقي, وبهذا تقل فرصة تلاعب الأبيات عن طريق نقلها من موضع إلى غيره، كما هو الحال في الموشحات وفي قصيدة "أخي" لـ"ميخائيل نعيمة" وأمثالها.

وعلى أية حال؛ فإنّ أحسَنَ شَيء في هذه القضية: هي أن نقصر مطالبتنا للشاعر على أن يكون لقصيدته موضوع واحد، وأن يسودَها جو نفسي واحد، وألا تكون الوحدة الفكرية الصغرى في القصيدة هي البيت بل المقطع وما أشبه.

ظهور ما يُسمى بالشعر الحر

ثم ظَهَر بعد هذا ما يُسمّى بالشعر الحُر، وهي تسمية توحي بأن أصحاب هذا الاتجاه في كتابة الشعر، يرون أن من سبقهم كانوا يكتبون شعرًا مقيدًا، وأن طريقتهم هم؛ قد حررت الشعر العربي من القيود التي كبلت الشعراء العرب قرونًا طويلة.

إذ رأى أعضاء هَذه الجَماعة أن القصيدة العربية القديمة فرضت عليهم قالبًا شعريًّا قائمًا على وحدة الوزن والقافية، طالبتهم باتباعه فكان على الشاعر حين يكتب قصيدة في بحر من بحور الشعر العربي أن يكمل البحر في كل بيت من أبيات القصيدة، حتى لو اضطر كما يحدث في كثير من الأحيان -وفاء لشكل هذا البحر- أن يضيف كلمات، أو عبارات، أو جملًا، بغية استكمال الشكل لهذا البحر؛ مما يدل على أن الشكل الشعري أصبح قيدًا يتحكم في الشاعر، وليس الشاعر هو الذي يتحكم فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015