أترى معلقة "امرئ القيس" أو "طرفة" هما من الشعر العالي النغمة؟! أترى قصائد "ابن أبي ربيعة" أو "جميل" أو "قيس" أو "كثير" في حبائبه هو من الشعر العالي النغمة؟!. أترى قصائد "أبي العاتية" هي من الشعر العالي النغمة؟! أترى غزليات "العباس بن الأحنف" الرقيقة المترفة ورسائله الشعرية لحبيبته "فاوس" هي من الشعر العالي النغمة! أترى قصيدة المتنبي في "الحمى" أو ميميته في الانفصال عن "سيف الدولة" هما من الشعر العالي النغمة! أترى أشعار "ابن الرومي" التهكُميّة أو قصيدته في رثاء ابنه محمد، أو قصيدته في توحيد المغنية هي من الشعر عالي النغمة؟!.
أترى أشعار "ديك الجن" في حبيبته التي قتلها غيرة، ثم قضى سائر عمره يندبها ويشعر بالذنب والويل هي من الشعر عالي النغمة؟! أترى أشعار الصوفية كـ"رابعة العدوية" و"الحلاج" و"ابن الفارض" أشعارًا عالية النغمة؟ أترى غزليات "البهائي زهير" وإخوانياته أشعارًا عالية النغمة؟!. إن القوم ليدلسون أبشع التدليس وأشنعه، وهم يعرفون أنهم يدلسون وهم يفعلون ذلك التدليس لغرض في نفس يعقوب.
ومن القضايا المهمة التي تتعلق بالشعر العربي أيضًا: "بناء القصيدة" ولعل أوّل من افتتح الكتابة في هذا الموضوع من مؤرخي الأدب ونقاده هو "ابن قتيبة" الذي قال في كتابه (الشعر والشعراء): "سمعت بعض أهل الأدب يذكر أن مُقَصّد القصيد إنما ابتدأ فيه بذكر الديار والدِّمن والآثار؛ فبكى وشكا وخاطب الربع، واستوقف الرفيق؛ ليجعل ذلك سببًا لذكر أهلها الظاعنين عنها، إذ كان نازلة العمد في الحلول والظعن، على خلاف ما عليه نازلة المدر؛ لانتقالهم عن ماء إلى ماء، وانتجاعهم الكلأ، وتتبعهم مساقط الغيث حيث كان.