لقد دفع لهما ما يعينهما على إصلاح هيئتهما وثيابهما، كما دفع لهما مرتب شهر مقدمًا، وسلمهما عقد إيجار شقة في شبرا باسمهما لمدة سنة، وكان مطلبه الوحيد أن تكون له حجرة مجاورة لهما في البنك أوصل منها جهاز تسجيل بسماعات في مكتبهما، وطلب منهما ألا يسعيا في علاج مشاكل العملاء أو يعرضا مشاكلهما على العملاء، المطلوب فقط هو أن يستمعا لكل ما يقوله العملاء بمنتهى الدقة دون أن يطلبا أجرًا ماديًّا من العميل.
ونظرًا للموقع المزدحم الرئيسي الذي اتخذه البنك في شبرا يدأ العملاء في القدوم وطرح مشاكلهم، حيث يستمع إليهم أدهم وشعبان، وحين تجذب انتباه منير بك مشكلة ما، يسارع بطلب استدعاء العميل الذي لا تعود المسرحية إلى ذكره بعد ذلك قط، وكانت هناك مشاكل اجتماعية مثل مشكلة "العميلة رقم 8" فهي حزينة لأن لديها 1500 جنيه فقط كي تفرش بها شقة ابنتها المخطوبة.
وكان من الواضح أنها تغالي في اختيار الفرش والأثاث لأنها تضع اعتبارًا لكلام الناس والعائلة، بل وتصر على أن يشتري خطيب ابنتها بالإضافة للشبكة الغالية، أفخر أنواع علب الملبس كي تقدم للمدعوين، ولا تستطيع أن تستوعب كلام أدهم لها من أن هذه عادات برجوازية عفا عليها الزمن، ولا تناسب المجتمع الاشتراكي، وبالذات لأن خطيب ابنتها معه دكتوراه في الاقتصاد، وموضوع رسالته كان عن الاشتراكية.
وبعد أن يئس من التغلب على كبرياء العميلة ومنع استسلام خطيب ابنتها لكلامها، لم يكن منه سوى أن التفت للأخير قائلًا: "أنا سحبت كلامي، أرجوك يا دكتور أحضر ملبس من أحسن وأفخم صنف، هذا مجتمع برجوازي في قماش اشتراكي، اشتراكية قوانين ولوائح، وليست اشتراكية روح بعد، احضر الملبس