والعلب من أغلى نوع"، وهذه الجملة التي أصابت تشريح المجتمع المصري بدقة خلال الفترة الناصرية.

وهناك أيضًا "عميل رقم 2" الذي يرى أننا صرنا في مجتمع رجعي، ودليله على ذلك برامج الإذاعة والتليفزيون التي تبدأ صباحها بشيخ مطمطم، وتنتهي في الليل على شيخ مطمطم، وبين كل فقرة وأخرى مناقشات دينية أكل عليها الزمن وشرب، ويريد أن يصلح مجتمعنا ويصبغه بصبغة تحررية، وقد طلب منير بك هذا العميل إلى مكتبه حيث اختفى إلى الأبد.

والمثير للسخرية أن يأتي بعده "العميل رقم 3" الملتحي القلق على مستقبل الدين والذي يستغفر الله لهذا المجتمع الملحد المتحلل الذي يعيش فيه، وأبسط دليل على ذلك هو برامج الإذاعة والتليفزيون التي تقدم بين كل أغنية وأغنية، أغنية أيضًا، بالإضافة إلى الراقصات والمطربات والكاسيات العاريات، ويرى أن الحل أن تصب نار الله الموقدة على مجتمع بهذا الفجور والإثم والكفر المبين، وعندئذ يستدعيه منير بك إلى غرفته ليختفي هو أيضًا إلى الأبد.

وهكذا من خلال العملاء المتنوعين الذين يزورون البنك، يستعرض الحكيم لقطات شديدة الثراء والتنوع لنماذج تتفاعل وتعيش في الواقع الاجتماعي آنذاك، ومن اللافت للنظر حرص الأستاذ على عدم إعطاء العملاء أي أسماء لكي يتركها نماذج اجتماعية هامة يرى أي واحد منا نفسه فيها.

والملاحظ أنه رغم اختلاف الأزمان والأوضاع الاقتصادية والسياسية، فإن كثيرًا من المشاكل التي كانت طافية على سطح المجتمع آنذاك ما زلنا نعاني منها أو من مضاعفاتها حتى الآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015