العصور الوسطي الدامس، وكذلك الدين الذي تدينه أوربا لتلك الحضارة، وما أثمرته من آداب.

وعدد هؤلاء المستشرقين ليس بالقليل في ذاته، وإن كانت نسبتهم إلى المتعجرفين الذين لا يُريدون الإقرار بالحقيقة في هذا المجال غير كبيرة؛ لكنّنا لا ينبغي أيضًا أن نستنيم لهذا الكلام إلى الحد الذي ينسينا أن الاتحاد السوفيتي زعيم الكتلة الشرقية، التي يتغنى بإنسانيتها الكاتب، كان دولة استعمارية تسعى للسيطرة والهيمنة على الدول الصغيرة، مثله في هذا مثل الاستعمار الأوربي والأمريكي سواء بسواء، وأن ما يُرصفه الكَاتِبُ من ألفاظ وعبارات جميلة، إنّما هو جزء من خطة التسلل إلى قلوب أبناء العالم الثالث، الذي كان السوفيت يتصارعون مع الغرب على السيادة عليه، والفوز بخيراته.

كذلك لسنا نشاطر المدرسة السلافية كل مل تردده من أفكار وتفسيرات، وبخاصة ما تقوله من أن المُشابَهات التي تكون بين الإطراف الأدبية، لا بد أن يكون مَرْجِعُها مشابهات مثلها بين البنى التحتية لها, ذلك أن مثل تلك الدعوى إنما تقوم على أساس من الفلسفة الماركسية المادية، وهي فلسفة مُتعسفة ضيقة الأفق؛ فكثيرًا ما يُلاحظ أنّ التّشابهات بين طرفين أدبيين ترتد إلى أشياء مختلفة تمامًا عن ما تقوله تلك المدرسة.

ولقد تأثرت مثلًا آدابنا العربية في العصر الحديث بآداب أوربا الغربية وما زالت، رغم اختلاف الأوضاع الاقتصادية هنا عنها هناك، بل إنّ آدابنا كانت تتأثر في ذات الوقت بآداب الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، رغم اختلاف علاقات الإنتاج والأوضاع الاقتصادية بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية اختلافًا شديدًا، والواقع أن كثيرًا من تلك الترجمات والمقالات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015