وهذه الدعوة تضعه إلى الطرف النقيض للدرس المقارن الغربي، القائم على المركزية الغربية، التي ينبغي أن ترفض في رأيه، ورأى الكثيرين من المؤمنين بالرسالة السامية للأدب المقارن رفضًا قاطعًا مستشهدًا على ذلك بمقولة رائد الدرس المقارني الروسي "فيسلو فيزكي" الذي كان يعكس في عصره أفكارًا أكثر تقدمية في مجال علم الأدب، من أفكار "هيلدر" وغيره.
بِقَدْر ما تكثُر المُقارنات والمقابلات، وبِقَدر ما يكون ميدانها واسعًا، تكون النتائج أكثر رسوخًا, يَكتُب "جيرمونسكي": "وإذا كان علم الأدب في الغرب قد تخلى عن دراسة القضايا الواسعة، والآفاق العريضة لتطور الأدب العالمي، واتجه نحو التخصص الضيق محددًا أطر بحثه داخل الحدود القومية، وفي أحسن الأحوال معتمدًا على الأعمال الأوربية؛ فإننا في الاتحاد السوفييتي ذي القوميات؛ حيث تعيشُ شُعوب الشّرق والغرب في وحدة وتآخ؛ لتبني ثقافة جديدة قومية في شكلها، واشتراكية في محتواها، تُسَلّم تلقائيًّا بضرورة تناول مسائل التطور الأدبي من خلال الدراسات المقارنية التاريخية الأرحب أفقًا، وضرورة أن نأخذ بعين الاعتبار اكتمال هذه الدراسات على الأعمال الأدبية الغربية والشرقية".
هذا ما تقوله المدرسة السلافية، ولا ريب في أن تلك الدعوة الأخيرة هي دعوة الأرحب أفقًا، وأكثر إنسانيةً، وأمعن في العلمية من تلك المركزية الأوربية، وما يترتب عليها من تداعيات منهجية وإنسانية خطيرة, وأن كان من الواجب علينا مع ذلك أنْ نُضيف في ذات الوقت ما نعرفه من أن هناك في الغرب ناس شرفاء، لا يحجمون عن التصريح بما يصلون إليه من نتائج، مهما كان تعارضها بل تصادمها مع هذا الإحساس الغربي المريض، ومنهم أولئك المستشرقون الذين أبرزوا تفوق الحضارة العربية الإسلامية، وآدابها أيام كانت أوربا تسبح في ظلام