والدقائق الملونة، والصور الواقعية، مِمَّا يعرفه مَن له أدنى تماس بمعنى فنهم الأدبي الغزير.

ويجد القارئ رأي الدكتور "عز الدين إسماعيل" هذا في كتابه (قضايا الإنسان في الأدب المسرحي المعاصر).

وهناك مَن يرى أن السبب في عدم معرفة العرب لفن المسرح، يكمن في أن الإسلام قد منع نقل المسرح الإغريقي القائم على الوثنية وآلهتها، وعلى الصراع بين الآلهة والبشر، وهو رأي قال به الدكتور "محمد مندور" في كتابه (المسرح والأدب وفنونه)، وكذلك توفيق الحكيم في مقدمة مسرحيته "الملك أوديب"، ومعنى هذا أن المسلمين اطلعوا على المسرح الإغريقي، وما فيه من وثنية تخالف الإسلام، فنفروا من ترجمته، لكن لم يحدث أن ساق مندور أو الحكيم أو غيرهما أي شيء يدل على معرفة المسلمين بالمسرح الإغريقي، ولو كانوا عرفوا ذلك المسرح ما أخطأ كبار تراجمتهم وفلاسفتهم كـ"مته بن يونس" و"ابن رشد" و"ابن سينا"، في ترجمة مصطلح "التراجيديا والكوميديا" فقالوا: إن المقصود بهما المدح والهجاء.

وللدكتور مندور تعليل آخر ذكره في كتابه (المسرح) ملخصه: أنه قد قام بالمقارنة بين الشعر العربي القديم وأشعار الأمم الأخرى، فوجد أن ذلك الشعر يتميز بخاصيتين كبيرتين هما؛ الخطابية، والوصف الحسي، وهاتان الخاصتان لا تصلحان للدراما التي تحتاج إلى الحوار المختلف النغمات والخطابة الرنانة، وإلى خرق الحياة الشخصية، وتصوير المواقف والأحداث لا مجرد الوصف الحسي كما كتب، ويحق لنا أن نتساءل إزاء هذا الغلو الخطير: متى! وكيف! وأين! قام مندور أو غير مندور بمثل تلك المقارنة؟ وما عدد اللغات التي كان يعرفها سيادته؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015