الإرادة الإلهية. وبالمثل نراه يزعم أن المسلم لا يستطيع أن يواجه مجتمعه ويدخل في صراع معه وإلا عُدَّ كافرًا، أما اللون الثالث من ألوان الصراع فيستلزم -حسبما يقول- أن يكون شعورنا بالتاريخ شعورًا دراميًّا، على حين أن كل شيء لدى المسلم هو أمر حتمي مكتوب لا سبيل إلى تغييره، وبخاصة أنه يؤمن بأن تلك الحتمية حتمية عادلة، أما النوع الرابع فلا بد له من شعور الشخص بالفردية، التي لا وجودَ لها عند المسلم.

وهذا الكلام موجود في كتابه (الإسلام والمسرح) الذي ترجمه عن الفرنسية الدكتور "وفيق الصبان".

والناظر في هذا الكلام يدرك لأول وهلة ما فيه من سذاجة مضحكة، أو استبلاهٍ مدهشٍ، إذ يكفي أن ينظر الإنسان حوله في معظم بلاد المسلمين، وبالذات في البلاد العربية ليرى أن عندنا الآن مسرحًا وكتابًا مسرحيين ومسرحيات من كل نوع، رغم أننا لا نزال مسلمين كما كان أجدادنا مسلمين، فكيف يفسر "عزيزة" ومَن نقل عنه ذلك الكلام من المستشرقين هذا الوضع الذي يكذب كل ما زعمه وادعاه؟

وبالنسبة للنوع الأول ألا يمكن للصراع بين إرادة المشركين وبين دين الله مثلًا، أو بين شهوة الإنسان المسلم وخوفه من عقاب ربه. أما الصراع الثاني -صراع الفرد المسلم مع مجتمعه- فهو لم يتوقف يومًا، فقد نشذ الخوارج مثلًا على ذلك المجتمع ولم يكفرهم أحد، وبافتراض أنه كان هناك تكفير، فهل منعهم ذلك أو منع سواهم من التمرد والخروج؟ وحتى لو تحرَّج الكاتب المسرحي المسلم من طرق ذلك الموضوع، ألا يمكنه أن يؤلف مسرحيةً تقوم على الصراع بين شخص مسلم ومجتمعه غير المسلم، كما كان الوضع مثلًا أيام محاكم التفتيش في إسبانيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015