الذي نجد فيه البديع الهمذاني يسمي معظم مقاماته بأسماء البلدان، فإن "الحميدي" لا يصنع شيئًا من هذا، بل يطلق على كل مقامة اسمًا مشتقًّا من الفكرة التي تعالجها تلك المقامة.

وإلى جانب ذلك، فإن في مقامات الأديب الفارسي كثيرًا من المناظرات كتلك التي قامت بين السني والملحد، والأخرى التي دارت بين الشيب والشباب، ثم إنه بسبب انتشار التصوف في إيران في الفترة التي عاش فيها القاضي "حميد الدين"، وجدناه يخلع على كثير من مقاماته خلعة صوفية، بتعبير المؤلف، كما في "المقامة السقباحية" التي تجري في إصر المقامة "المضيرية للهمذاني" إذ يوجد فيها أيضًا شيخ ومريدون.

وقد لمس الأستاذ الباحث مسألة جدًّا مهمة، وهي أن فن المقامات لم يكتب له الرواج والانتشار في الأدب الفارسي، ذلك أنه لم يكرر المحاولة أحد بعد "الحميدي"، وهو يعلل هذا بأن الفارسية فقيرة في الكلامات المترادفة والمتساجعة، بالقياس إلى لغة الضاض، ومن ثَم لا تصلح كثيرًا لكتابة المقامات التي تقوم أساسًا على السجع والمحسنات البديعية.

أما في مجال القصص فقد لاحظ بعض الباحثين أن الفرس في الحكايات التي نقلوها عن العرب، قد أضفوا عليها من الخرافات والأساطير ما حولها عن وضعها الحقيقي، ومن ذلك ما صنعوه مع قصة "كليب وائل" التي ألفوا على مناولها قصة "رستم وسهراب"، فواضح كما يقول الدكتور "خليل عبد المجيد أبو زيادة": إن قصة كليب قصة واقعية قد حدثت فعلًا في الجاهلية، وإن زخرفها خيال المؤلفين اللاحقين، ذلك أن حياة الغرب قد نقلت لنا -حسب كلامه- من خلال تلك القصة فجاءت صحيحةً كما نعرفها، فهم قوم ذو أنفة وإباء، يرفضون الظلم ويحاربونه أينما كان، ولا يخشون إلا الحق، فهذا "جَساس" لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015