وأجعل الأطلال نهر جيحون من دمع عيني ... إذ أرى خيمة الإيوان خاليةً من وجه الحبيب

والمرج مجهون من قده ممسوك اللدنة ... مكان الكأس والدم رتعت حمر الوحش

وبدلًا من القيسار والناي والمِزمار ... ارتفع نعيب الغربان

فكأن روحي قد هجرت جسدي ... منذ هجرت سُعدَى خيمتها

وسنة حجرتها وولت ... ليلى من مخدعها

لا يمكن المرور بلا معاناة بمنزل ... حجري القلب عذب الشفاه فضي الظهر

ذلك البستان الذي كان ... مقامًا للمحبوب مع الخلان

أصبح مرتعًا للذئاب والثعالب ... ووطنًا لحُمر الوحش والعُقاب

حل السحاب محل القمر ... والسم موضع السكر

والحجر مكان الجوهر ... والشوك محل الياسمين

وإذا كنا نقرأ في كتاب ابن قتيبة (الشعر والشعراء) قولًا له: " سمعت بعض أهل الأدب يذكر أن مُقَصّدَ القصيد إنما ابتدأ فيه بذكر الديار والدمن والآثار، فبكَى وشَكا، وخاطب الرَّبْع، واستوقف الرفيق، ليجعل ذلك سببًا لذكر أهلها الظاعنين عنها، إذ كان نازلة العَمَد في الحلول والظغن على خلاف ما عليه نازلة المدر، لانتقالهم عن ماءٍ إلى ماءٍ، وانتجاعهم الكلأ، وتتبعهم مساقط الغيث حيث كان. ثم وصل ذلك بالنسيب، فشكَا شدةَ الوجد، وألم الفراق، وفرط الصبابة والشوق، ليميل نحوه القلوب، ويصرف إليه الوجوه، وليستدعي به إصغاء الأسماع إليه؛ لأن التشبيب قريبٌ من النفوس، لائطٌ بالقلوب، لما قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015