وفي كتابها (المقدمة الطللية للعشر الفارسي، دراسة مقارنة مع القصيدة العربي) تقف الدكتورة "سميرة عبد الستار عاشور"، عند واحد من الموضوعات الجزئية، هو مقدمة القصيدة الفارسية التي تأثرت بنظيرتها العربية في شكلها العام، وفي أقسامها وخصائصها الفنية، لقد كانت قصائد المديح في الشعر الفارسي تُفتح بالغزل والتشبيب والوقوف على الأطلال، تمهيدًا لذكر الصبابة، ثم يعقب ذلك الانتقال من مطلع القصيدة الغزلي إلى ما يليه من المدح، ثم تُختتم القصيدة بالدعاء للممدوح.
أما عن موضوعات النسيب فتدور حول محنة الأيام، وشكوى الفراق، ووصف الدمن والأطلال، ونعت الرياح والأزهار وغير ذلك، كذلك لدينا مقدمات وصف الخمر التي شاعت منذ بداية الشعر الفارسي بعد الإسلام، كما هو الحال في مقدمات "الرودكي" المتوفى عام 329هـ والمتأثر في خمرياته بفن أبي نواس، وقد بلغ التأثير العربي مداه في هذا الجانب في شعر " منوجهري " الذي توفي سنة 432هـ والذي يعد رائد الوقوف على الأطلال في الشعر الفارسي، فأخذ الشعراء اللاحقون يذكرون الأطلال في شعرهم؛ تقليدًا له، وهناك من يرى أنه اختط تلك الطريقة كي يكون له تميز يبز به شعراء الفرس الكبار المعاصرين له كـ"عنصري" مثلًا، ومن هنا نراه يتغنى بوصف البوادي والصحارى، ويتأسف على الديار الخربة، بل إنه كان يتعمد سوقَ أسماء الشعراء العرب في قصائده، فضلًا عن الأمثال العربية والإشارات التاريخية الخاصة بالعرب، وكثير من الألفاظ والاصطلاحات المهجورة.
وتلاحظ الدكتورة "سميرة عاشور" أن جميع الشعراء الفرس الذين استعملوا المقدمة الطللية كانوا يجيدون العربية إلى درجة النظم بها أحيانًا كما كانوا يتباهون