والعشق. وكان فضل الريادة في هذا للشاعر الإيراني "نظامي الكنجوي" وهو من أهل القرن السادس الهجري، وقد نظم قصة "ليلى والمجنون" في 4700 بيت.

كذلك كان الحبُّ العذري منطلقًا إلى الحب الصوفي في الأدب الفارسي، وهو ما ظهر في صنيع نظامي، وهذا لا ينسينا أن الأدب الصوفي نفسه قد نشأ في الأدب العربي، وعني به الكتاب عنايةً فائقةً، ثم انتقل بعد ذلك إلى الأدب الفارسي، فعُني به الكتاب هناك، ثم انتقلت تلك العناية إلى الشعراء. وهكذا تطور الأمر في الأدب الفارسي حتى جاء وقت غلبت فيه التأليفات الصوفية الشعرية على النثرية في ذلك الأدب، في حين كان العكس في الأدب العربي، إذ ظلت الغلبة للمؤلفات الصوفية النثرية على المؤلفات الشعرية الصوفية.

ويعد الشاعر الإيراني جلال الدين الرومي محمد بن محمد البلخي، وهو من أهل القرن السابع الهجري، من أعظم شعراء التصوف الإسلامي. وقد حدثنا عند كلامه عن عشق المجنون عن "طريق السالكين" المملوءة بالمصاعب والدم، لينتهي أخيرًا إلى ذكر عدد من مقامات الصوفية في قصيدته "شكوى الناي"، فالناي لديه رمز للروح التي كانت في عالم الذَّر، فلمّا تجلى الله للروح سكنت الجسد.

وهذه الصيدة تقع في ثمانية عشر بيتًا افتتحها بالمثنوي، فقال ما ترجمته:

اسمع النايَ مُعْرِبًا عن شكاتِهْ ... بعد أن بات نائيًا عن لِداتِهْ

وهكذا أدّى العشق العذري وما فيه من الحرمان، إلى إثارة خيال المتصوفة، وأوقد مخيلتهم فأبدعت أفكارًا شتى دخلت العِرفان الفارسي من الباب الواسع، على حسب ما جاء في كتاب الدكتور حسين جمعة (مرايا للالتقاء والارتقاء بين الأدبين العربي والفارسي).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015