ولذلك دعا بعض باحثي الأدب المقارن المنصفين إلى ضرورة توسيع دائرة البحث في الأدب المقارن بغرض الوصول إلى نتائج أكثر مصداقية وحقائق أكثر رسوخًا وموضوعية. وهذه الدعوة تضعه على الطرف النقيض للدرس المقارن الغربي القائم على المركزية الغربية، التي ينبغي أن ترفض من المؤمنين بالرسالة السامية للأدب المقارن رفضًا قاطعًا.
.وفي رأيهم أنه إذا كان الأدب في الغرب قد تخلى عن دراسة القضايا الواسعة والآفاق العريضة لتطور الأدب العالمي، واتجه نحو التخصص الضيق، محددًا قطر بحثه داخل الحدود القومية، وفي أحسن الأحوال معتمدًا على الأعمال الأوربية، فإنه ينبغي أن نسلم بضرورة تناول مسائل التطور الأدبي، من خلال الدراسات المقارنية التاريخية الأرحب أفقًا، وضرورة أن نأخذ بعين الاعتبار اشتمال هذه الدراسات على الأعمال الأدبية الغربية والشرقية كلتيهما.
ولا ريب في أن تلك الدعوة الأخيرة هي دعوة أرحب أفقًا، وأكثر إنسانية، وأمعن في العلمية من تلك المركزية الأوربية وما يترتب عليها من تداعيات منهجية وإنسانية خطيرة، وينبغي أن تكون هذه نظرتنا إلى الأدب المقارن نحن العرب والمسلمين؛ إذ الإسلام يعلمنا سعة الأفق، كما ينبهنا إلى ضرورة التعاون والتآلف والتآخي بين المسلمين بعضهم وبعض.
وهناك الآن كتب في الأدب المقارن تهتم بالأدب الإسلامي المقارن بالذات، وإذا كانت غاية المسلمين الوحدة الإسلامية فالسبيل إليها هو معرفة بعضنا بعضًا، وهذا لا يتم إلا إذا درسنا كل ما يتعلق بالأمم الإسلامية الأخرى، لأن من العيب الخطير أن نعرف عن أوربا وأمريكا التي استعمرتنا -وما زالت تثير لنا المشكلات وتضع في طريقنا العوائق وتعمل على احتلال بلادنا وتقسيمها