بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الحادي عشر

(أثر الأدب العربي في الآداب الإسلامية (1))

أثر الأدب العربي في الأدبين الإفريقيين: الأدب السواحلي، والأدب الهوسوي

في البداية أحب أن أشير إلي أن بعض دارسي الأدب المقارن يقولون عن مدارس الأدب المقارن في الغرب: إنها تنطلق مما يسمونه المركزية الأوربية، تلك المركزية التي لا تري إلا أوربا والغرب، إذ يعتقد الأوربيون أن الشعوب الأفريقية أسيويه، هي شعوب بدائية وطفولية، يمكن استبعاد آدابها وفنونها من مجال الأدب المقارن، دون أن يخامر المرء أدني شعور بالخسارة أو مجافاة شروط البحث العلمي، وأما الثقافات الشفوية التي تشيع في تلك البلاد هي بالتأكيد دون الثقافات الأوربية الغربية المدونة، وهي لذلك لا تصلح إلا للمتاحف والدراسات الأنثروبولوجية والدراسات التاريخية المتصلة بنشوء الإنسان وتطوره وارتقائه، وأن الأجناس الأدبية التي لا تتفق والتصنيفات الأدبية الأوربية يمكن أن تهمل دون شعور كبير بالإثم ما دامت خارجة عن القانون الأدبي الغربي، كما هو الشأن في نظر الأوربيين للمقامة أو الشعر الغنائي في الآداب الشرقية، وأن الأعمال الأدبية العظيمة في نظر الأمم والشعوب التي أنتجتها تقاس بما يسمى روائع الأدب الغربي، وتنال من الدرجات بمقدار قربها أو بعدها من النماذج الغربية، وكانت حصيلة هذه المظاهر العنصرية في جوهرها والعابثة في موقفها أن بعض الآداب كان يسالي أقل من الآداب الأخرى، وبعضها كان فريدًا في امتلاكه أهمية عالمية، وبعضها الآخر يمكن أن يهمل بوصفه بدائيًّا أو عاديًا.

ولذلك وجدنا أن المقارنين الأوربيين في القرن التاسع عشر بكامله قد مضوا في إلحاحهم على أن المقارنة تكون على محور أفقي -أي: بين الأنداد- وإحدى نتائج هذا المنظور أن باحثي الأدب المقارن ومنذ البداية مالوا إلى العمل مع الكتاب الأوربيين فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015