واستعبادنا وإلحاقنا بقاطرة الغرب- أكثر مما نعرف عن إخواننا في البلاد الإسلامية المختلفة.
ومن المهم أن نتنبه إلى حقيقة تغيب عن أذهاننا كثيرًا، هذه الحقيقة هي أن تلك البلاد ذوات حضارات عريقة، وكانت متقدمة أيام أن كانت أوربا لا تزال بلادًا متخلفة، وإذا كانت أوربا تتعامل معنا بمنطق السيد، فينبغي أن نتعامل مع بعضنا البعض بروح الأخوة والمساواة والاحترام المتبادل، وإذا كنت قد أشرت إلى أن السبيل إلى الوحدة الإسلامية هو أن يعرف بعضنا بعضًا، ففي مجال الأدب المقارن ينبغي أن ندرس آداب الأمم الإسلامية الأخرى، وأن نقارن بينها وبين الأدب العربي، لنعرف مواطن التقارب ومواطن التباعد، وإذا كان هناك تأثير من طرف على آخر أبرزناه، وهذا كله من شأنه أن يعضد معرفتنا بعضنا ببعض، وأن يساعد على تمهيد الطريق نحو الأخوة الإسلامية، تلك التي ينبغي ألا تقوم على الشعارات والعواطف الهوجاء، بل على الدراسات العلمية الدقيقة.
وينبغي في هذا المجال أن نتعلم من أوربا وأمريكا إتباعهما للمنهج العلمي، فهما تقيمان حياتهما على العلم ومناهج العلم وعلى الإحصاءات والدراسات الدقيقة، ولا تدخلان أي ميدان من ميادين الحياة إلا وقد درسته ومحصته وتحققت كل شيء فيه على قدر ما تستطيع، ومن هنا كان نجاح الأوربيين والأمريكان في أمور كثيرة، وفشلنا في هذه الأمور؛ لأننا للأسف كثيرًا ما نهمل المنهج العلمي، ونظن أن العواطف المشتعلة كافية في تبليغنا ما نريد، مع أن الإسلام يحضنا على العلم، ويريد منا أن ندقق كل شيء نعمله، وألا نقدم على شيء إلا وقد عرفنا أين نضع أقدامنا، بحيث لا نسير أي خطوة في الظلام، ولا نسير أي خطوة دون أن نعرف إلى أين نحن ماضون، ودون أن نلم بالنتائج التي نتغياها، ودون أن تكون في أيدينا الوسائل الكفيلة ببلوغنا هذه الغاية.