وقد صدر في يونيه عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين في سلسلة كتاب الهلال، كتاب أكثر من رائع عن هذا الموضوع من المرحوم عبد الرحمن صدقي، مدير دار الأوبرا الأسبق، عنوانه "الشرق والإسلام في أدب جوته" وإن كنا قد قرأناه في طبعة سلسلة المكتبة الثقافية التي صدرت قبل ذلك -فيما أذكر- وفرحنا به كثيرًا، إذ وجدناه يلقي ضوءًا وهاجًا، على قضية أشد لمعانًا وهجًا هي قضية تأثر أديب وعالم ومفكر بقامة جوته الألماني بالإسلام والقرآن والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم.

ثم مرت الأيام، ورأيت كتاب الدكتور عبد الرحمن بدوي عن "ديوان الشرقي للمؤلف الغربي" وهو ديوان الشعر للأديب الألماني يتبدى فيه هذا التأثر والإعجاب بالإسلام والرسول، والكتاب الذي أنزله الله عليه، وبعض شعراء أمته. ثم صدر كتاب ثالث في ذات الموضوع، عن سلسلة عالم المعرفة في فبراير سنة ألف وتسعمائة وخمس وتسعين، بعنوان: "جوته والعالم العربي"، بقلم الكاتبة الألمانية "كاترينا ممزل" وترجمة الدكتور عدنان عباس علي.

وتعرض الكتاب الأخير لاهتمام جوته بالثقافة العربية والإسلامية، وبما وضعه المستشرقون من دراسات عنها، واستيحائه بعضًا من عبارات الشعر الجاهلي، وموضوعاته وأساليبه الفنية، وبخاصة في المعلقات، التي أشاد بها في تعليقاته وبحوثه، وكذلك تأثره الغَلّاب بالقرآن الكريم، وروحانيته وعقائده، وبخاصة عقيدة التوحيد، والقضاء والقدر، وإسلام النفس لمشيئة الله، ونفوره من عقيدة الصلب والفداء النصرانية جراء ذلك، وترديده أسماء الله الحسنى في الديوان الشرقي، وإعجابه بالشاعر المسلم حافظ الشيرازي.

وتقول الكاتبة: إنّ عَلاقة جوته بالإسلام وبنبيه محمد، ظاهرة من أكثر الظواهر مدعاة للدهشة في حياة الشاعر، فكل الشواهد تدل على أنه كان في أعماق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015