وجدانه شديد الاهتمام بالإسلام، وأن معرفته بالقرآن الكريم كانت بعد معرفته بالكتاب المقدس، أوثق من معرفته بأي كتاب من كتب الديانات الأخرى.

ولم يقتصر اهتمامه بالإسلام، وتعاطفه معه على مرحلة معينة من حياته، بل كان ظاهرة تميزت بها كل مراحل عمره الطويل؛ فقد نظمه وهو في الثالثة والعشرين من عمره، قصيدة رائعة أشاد فيها بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وحينما بلغ السبعين أعلن على الملأ أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن على النبي.

وبين هاتين المرحلتين امتدت حياة طويلة، أعرَبَ الشّاعِرُ خِلالها بشتى الطرق، عن احترامه وإجلاله للإسلام، وهذا ما نجده قبل كل شيء في ذلك الكتاب، الذي يعد إلى جانب "فاوست" من أهم وصاياه الأدبية للأجيال، ونقصد به "الديوان الشرقي للمؤلف الغربي".

بل إن دهشتنا لتزداد عندما نقرأ العبارة التي كتبها في إعلانه عن صدور هذا الديوان، وقال فيها: إنه هو نفسه لا يكره أن يُقال عنه: إنه مسلم، وتتحدث الكاتبة عن التّحول الذي تم عن أيدي بعض كبار المفكرين في أوربا، في القرن التاسع عشر تجاه الإسلام؛ مِمّا كان من نتيجته تغير النظرة التقليدية العدائية نحوه إلى حد ما، وهو ما أثر على فكر جوته وشخصيته.

إلى جانب شعوره بأن عقائد الإسلام ومبادئه، تقترب من اقتناعاته الشخصية إلى حد بعيد؛ كالتوحيد المطلق، والإيمان بدور الرسل في اتصال البشرية بالسماء، ورفض المعجزات الخارقة، والاقتناع بأن الاعتقاد لا يكفي، بل لا بد أن يتخذ التدين الحق صورة البر والإحسان، فضلًا عن حث الفيلسوف "هيلدر" له على قراءة القرآن الكريم، الذي كان هذا الفيلسوف يجله إجلالًا كبيرًا. وهي القراءة التي كان من ثمراتها: احتكاك جوته بأسلوب القرآن، وإحساسه بجلاله وروعته، وإشادته به مرارًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015